دقّ جرس الساعة معلناً نهاية الفترة الصباحية وبداية الفترة المسائية.. وكما هو المعتاد أطلقت زفراتي وتنهيداتي من الملل والروتين..!
خرجت من مكتبي وأطلقت العنان لنظراتي.. فاسترخيت ووضعت يداً خلف رأسي.. وسقطت نظراتي من النافذة عبثاً هنا وهناك.. على مجموعة من البشر.. فهذا يمشي وذاك جالس.. وآخر يشرب.. و.. و.. و.. والجميع حزناء..!
ولم أدرك نفسي إلا وقد همت بالخيال وعالم الأمنيات.. آه.. ليت الجميع فرحون ليتهم... وعندما مسح ظلام الليل براحة كفه على جبين الأرض.. وعندما عاثت أصابع الريح بفراغات الصخر الأمان.. .كنت هناك.. هنا في مكاني الكئيب كما يقولون..!
استندت برأسي على جدار العمر.. .وبعد فترة لملمت أطراف حيرتي.. وعدت من هناك من عند الليل الهامس بصبر الكون.. عدت إلى سريري الممتلئ بأوراق الذكريات.. والكتب والدفاتر.. فأزحتها جانباً.. البعض منها سقط والبعض الآخر بقي، فأطبقت الجفن المتمرد على الجفن الخاضع.. ورحت أسيح في عالم وجعي عبثاً.. أستنطق صمتي الخائن.. أبداً ما نطقت شفتاه بحرف.. ولم يدر الواقع شيئاً مما تذكرت أو راقبت.. فما قدرت إلا على قول: «اللهم امنحنا قمراً بحجم العتمة التي تحيطنا..» قلبي يصرخ بصوت عال بين تلك العتمة وسوادها.. .يقول: «أين السعادة..؟!!» تلك اللفظة الساحرة التي لا يعرف أحد من أي مادة صنعت حروفها..
السعادة ذلك المعنى الذي لم أجد له تعريفاً محدوداً.. لا عند من يعيشها.. ولا عند مفتقدها.. غير أني أجد لنقيضها الشقاء ألف معنى ومعنى..!!
لماذا لا نقبل على فرحة بسيطة صادقة صافية تحول الأشواك في قلوبنا إلى سنابل خضراء..؟!لماذا لا نرسم الابتسامة على شفاهنا..؟ فذلك لن يكلفنا الكثير.. .بل سيجعل الحياة في أعيننا وأعين من حولنا أكثر بهجة وتفاؤلاً وإشراقاً .. لنحيَ بالابتسامة.. ولنرَ الحياة من جانبها المشرق النابض بالحب..
ولنحاولْ ان نواجه مآسينا بصبر.. ونصد أخطاءنا بتحدي الاعتراف.. لنتعلم أن نسامح.. وأن ننسى..فليس في حياتنا متسع لأحقاد توغر الصدور وتنزع الابتسامة.. الحياة جميلة حقاً.. وتستحق منا أن نحياها بصفاء ومودة فهذا لن يكلفنا الكثير..
شيء في الوجدان..
من عمق الظلام صوت ينادي .. ويسأل.. كيف هي الحياة في موت الأماني...؟!!
تحولت الأحزان إلى صخور قاسية.. تتكسر عليها أمواج الأمل الباقي.. تحولت الابتسامات إلى آلام.. تنبض من العروق.. تحولت المشاعر البشرية إلى سلع «للبيع لمن يدفع أكثر..»
هل انتهت الإنسانية.. وبدأت الأنانية..؟؟
هل تحولت أجساد البشرية.. إلى هياكل آلية..؟؟
أين سعادتي من دمعتي..؟؟!!
حولوني بقسوتهم إلى بقايا محطمة.. ولكني سأجد بعون من الله مدينة الخير.. بيوت السعادة.. نوافذ الأمل.. وأبواب الابتسامة.
واختفى صوتها في عمق الظلام.. وهو يردد..
أتمنى أن تكون المحبة بحجم السماء.. وبحجم الأرض يكون العطاء..
|