Sunday 11th January,200411427العددالأحد 19 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من أين أتينا من أين أتينا
الحج.. نعمة الاتصال بالآخر
د. عبدالله بن ناصر الحمود(*)

عندما تدنو أيام ذي الحجة، ويترقب المسلمون موسم الحج، تتراءى أمام الناس عظمة الشهر والمناسبة في كل عام. لكن موسم هذا العام يتميز عن غيره من الأعوام السابقة بمروره بمنعطف مهم جداً في تاريخ الوطن، يرتبط ارتباطاً وثيقاً باتصاله بالآخر الوافد إليه، وبالآخر الجانح فيه. فالأحداث العالمية والمحلية المعاصرة فرضت نوعاً من ضرورة التحول في المنهج والخطاب الاتصالي الإسلامي والوطني مع الشعوب العالمية. فالجانحون ألقوا بثقل جنحتهم على السعوديين الأخيار المسالمين، والمشهد السعودي بات في أعين الحجاج موطن تحفّظ وترقّب، وأصبح المنظر مكسورا لا يجبره غير الفعل الرشيد والقول السديد، في كل مناسبة وموقف من مناسبات ومواقف هذه الشعيرة الإسلامية الكبرى. كل من له شأن في الحج اليوم، مطالب بأن يحمل معه واجبه الديني بأن يكون رسول خير ومحبة وسلام، وأن يرتقي بتعاملاته مع الآخرين مواطن البذل والإخلاص والرفعة والسمو. ذلك أن موسم الحج مشهد رائع من مشاهد الوحدة الإسلامية وبرهان عظيم على أن هذه الأمة لا يمكن إلا أن تكون أمة سلام ووئام، فبالفعل والقول نبرهن منهجنا الوسطي، ومقصدنا في بناء الكيان الإنساني وفق أرقى النماذج وأكملها. ثم لا بد من استحضار أن مجتمعنا الكبير يواجه جملة من الافتراءات المنشورة عبر وسائل الإعلام الغربية، وأتباعها من الوسائل العربية، التي قد تكون كوّنت لدى القادمين للحج ما لا يصح ولا يستقيم من الآراء والتصورات، لكن هذا هو قدر الكبار أن يصبحوا مقصد المريدين والحاقدين، والطامعين.
طرح قضيتنا الوسطية مطلب ملح ومهم اليوم، ولكن وفق منهج متزن واثق يؤكِّد للعالم أننا ننطلق من مصدر رصين ومن فهم دقيق متخصص للعملية الاتصالية المعاصرة، وأننا إذا رغبنا في الاتصال بالآخرين قادرون على الفعل الرشيد، والقول السديد. ربما أتينا من تقادم نظرتنا السلبية للفعل الاتصالي العالمي خلال موسم الحج منشغلين بتقديم الخدمات وتوفير التجهيزات، لتمر أيام الشعيرة دون عناء على الحجاج والمعتمرين، ولنبلغ كل حاج مأمنه. وكان ذلك ولا يزال منقبة من مناقب النبل السعودي، ولكن الحاجة اليوم لإكمال مشوارنا في خدمة الحجاج بأن نقدم لهم المعلومة الصحيحة عنّا، وعن واقعنا، وعن تطلعاتنا لمستقبل مشرق مزدهر بالبذل والعطاء والتسامح والتعاون الدولي مع كل الناس العقلاء الذين يحترمون الأعراف والقيم والمبادئ بنديّة عالية وبشموخ كبير بقدر ما هو باسق مجتمعنا وبقدر ما هو حقيق بأن يظل قبلة المسلمين ومأوى أفئدتهم، وملاذهم من الخوف، ومقصدهم لكسب العيش، ومسكنهم عندما تعز مساكن الآخرين. ربما أتينا من أننا لا نستحضر هذا كله عندما تدنو أيام الحجيج.

(*) عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved