نصنع من أحلامنا مراكبَ...
ومن طموحاتنا سفناً...
ومن آمالنا مطايا...
ننطلق بها، نعبُّ في دروبها من كلِّ رافد...
ونتغذَّى في محطَّاتها بكلِّ وافد...
ونمضي...
تتكسَّر مجاديفُ مراكبنا...
وتتعطَّل دفَّاتُ سفننا...
وتتوانى قَوادمُ قوافلنا...
قد تواجهنا من الرِّياح ما تذرَّ في أعيننا رمالها وترابها...
وقد تَساقط علينا من الأمطار ما تعيق استمرارنا ومضيُنا...
وقد تظلم علينا المحطَّات فلا نأوي ولا نستكين...
وقد تجفُّ روافدها فلا نعبُّ ولا نُروى...
وقد تَقْحل فلا نلتقمُ ولا نتغذَّى...
قد تصْفُر الرِّيح في آذاننا فتصَّمها...
وقد تُوحش اللَّحظات في مسارنا فنحذر ونتوجَّس...
وقد...
تصغُر أحلامُنا...
وتتلاشى طموحاتُنا...
وتفتر آمالُنا...
وقد نقف...
نعود القهقرى...
وقدْ... وقدْ... وقدْ...
غير أنَّنا حتماً لن نقف...
وبكلِّ تأكيد لن نصمت...
وبلا أدنى ريب لن ننتهي...
فلا تلاشٍ مع الحياة...
ولا انتهاءَ مع البقاء...
ولا صمتَ مع نبضٍ...
إن يئسنا فلأنَّنا بشرٌ...
وإن توجَّسنا فلأنَّنا كذلك...
غير أنَّنا نمضي إلى مراكب آمالنا...، وسفن أحلامنا...، ومطايا طموحاتنا، دون أن نعبأ بريحٍ تئنُّ، أو سيلٍ يجرفُ، أو غبارٍ يُفْسِدُ، أو ظلامٍ يُوجِسُ،
أو فاقةٍ تُوجِعُ، أو ظمأٍ يُعْطِشُ...
ذلك لأنَّنا بشرٌ...
نمدُّ في الأمل باطمئنان التَّمنِّي...
ونطيلُ في الحلم بسكينة الاطمئنان...
ونتمادى في السَّير بحلم الطُّموح...
نصنعُ مراكبنا، ومطايانا، وسفننا...
ونمضي في إبحارٍ لا يعبأ لريحٍ، ولا لظلامٍ، ولا لجوعٍ، ولا لعطشٍ،
فثمَّة مواعيدُ مزخرفة...
تركن في زاوية الإنسان في الإنسان...
تلك التي لا تعرفُ اليأس أبداً.
|