أظهرت دراسة متخصصة ميل السكان السعوديين إلى السكن في الوحدات السكنية ذات المداخل الخارجية المستقلة «مثل الفيلات والبيوت الشعبية»، إلا أن هناك قابلية لدى الأسر المفردة أكبر منها لدى الأسر الممتدة للسكن في الوحدات السكنية ذات المدخل الخارجي المشترك «مثل الشقق» وتقول الدراسة: إن هذه التوجهات والأنماط السكنية لا تمثل بالضرورة الرغبات الحقيقية للسكان، ويعود ذلك إلى محدودية التنوع في المعروض والمتوافر من بدائل الأنماط السكنية خلال الفترة الماضية نظرا لانعدام المرونة في عدد من المحددات والعوامل التي أسهمت في تشكيل أنماط الإسكان الراهنة مثل: «الأنظمة العمرانية وأنظمة تقسيمات الأراضي وأنظمة وقروض التمويل والأعراف والتقاليد». وبيَّنت الدراسة التي اعتمدت على سكان العاصمة وأعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وعنوانها «تحديد احتياجات الرياض المستقبلية من الإسكان» ازدياد معدلات تملك الوحدات السكنية بشكل واضح خلال الأعوام الماضية وذلك ناتج عن توجهات الدولة من خلال خططها فيما يخص قطاع الإسكان، وأشارت إلى ظهور القابلية والميل إلى امتلاك الوحدات السكنية المشتركة «خصوصا بعد توزيع شقق إسكان المعذر وطريق الخرج»، وقالت الدراسة: إن غالبية الوحدات السكنية المؤجرة هي من نوع الشقق، ولكن الأسر السعودية تفضل استئجار الفيلات وتميل الأسر غير السعودية إلى استئجار الشقق السكنية، وغالبية الوحدات السكنية «54%» نُفِّذت بقروض ممولة من صندوق التنمية العقارية، وخمسي الوحدات «41%» بتمويل شخصي. وفي هذا دليل على ضعف مشاركة المؤسسات الخاصة في تمويل قطاع الإسكان. وبتحليل معلومات الدراسة الخاصة بأسعار إيجار الوحدات السكنية يظهر أن حوالي ثلث الأسر السعودية المستأجرة «9 ،31%» تدفع أقل من «10000 ريال» إيجار سنوي لمساكنها، وأكثر من ثلثي الأسر السعودية المستأجرة «5 ،67%» تدفع أقل من «16000 ريال» كإيجار سنوي للوحدات التي تسكن بها، بينما أكثر من نصف «57%» الأسر المستأجرة غير السعودية، والتي يفوق عددها عدد الأسر المستأجرة السعودية تدفع أقل من «10000 ريال»، وأكثر من أربعة أخماس «2 ،88%» من الأسر المستأجرة غير السعودية تدفع أقل «16000 ريال».
وتوضح الدراسة أن أكثر من نصف المساكن «9 ،53%» تم تمويل بنائها بقروض من صندوق التنمية العقارية وهذا دليل على أن غالبية المساكن تم بناؤها بقروض حكومية مدعومة، كما يظهر أن خمسيّ المساكن «1 ،40%» تم بناؤها بتمويل شخصي. وبتحليل المعلومات المتوافرة عن أسعار إيجار الوحدات السكنية يظهر أن حوالي ثلث الأسر السعودية المستأجرة «9 ،31%» تدفع أقل من «10000 ريال» إيجار سنوي لمساكنها، وأكثر من ثلثي الأسر السعودية المستأجرة «5 ،67%» تدفع أقل من «16000 ريال» كإيجار سنوي للوحدات التي تسكن بها، بينما نجد أن أكثر من نصف «57%» الأسر المستأجرة غير السعودية، والتي يفوق عددها عدد الأسر المستأجرة السعودية تدفع أقل من «10000 ريال»، وأكثر من أربعة أخماس «2 ،88%» من الأسر المستأجرة غير السعودية تدفع أقل «16000 ريال». وأكدت الدراسة الحاجة إلى العمل على توفير مساكن تستوعب معدل الزيادة في حجم الأسر وبأنواع «أنماط» تلبي الطلب المتزايد على مساكن الأسر المفردة، حيث يظهر أن الأسر المفردة في ازدياد وأن الأسر الممتدة في تناقص، وهذا مؤشر على أن الطلب سوف يزداد في المستقبل على المساكن ذات الحجم الأصغر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العديد من الأسر الممتدة سوف تتحول إلى أسر مفردة إذا تهيأت لها الامكانيات المناسبة للحصول على وحدة سكنية مستقلة، ولكي يتم تحقيق سياسات الإسكان السعودية الهادفة إلى تمكين أكبر عدد من الأسر السعودية من امتلاك مساكنها أكدت الدراسة على أهمية النظر بشكل جدي في بدائل الإسكان الميسر «Affordable Housing» ضمن استراتيجيات الإسكان المستقبلية.
وعلى الرغم من أن الرغبات السكنية تتحكم بها عوامل و متغيرات متعددة «اقتصادية واجتماعية وثقافية وتنظيمية»، إلا أن الدراسة قالت إنه يمكن استخلاص بعض الخصائص بين علاقة نوع الأسرة والنمط السكني خلال الأعوام الماضية للوصول إلى فهم أفضل لنوعية الإسكان المطلوب توفيره في المستقبل، حيث يظهر أن الأسر السعودية المفردة وكذلك الممتدة تفضل السكن في الوحدات السكنية من نوع الفيلات، إلا أن نسبة القاطنين من الأسر السعودية المفردة في الوحدات السكنية من نوع الشقق من مجموع الأسر السعودية المفردة يفوق دائماً نسبة القاطنين من الأسر السعودية الممتدة في الشقق من مجموع الأسر السعودية الممتدة، وعلى العكس من ذلك فإن نسبة القاطنين في الفيلات من الأسر السعودية الممتدة من مجموع الأسر السعودية الممتدة يفوق نسبة القاطنين في فيلات من الأسر السعودية فردة من مجموعة الأسر السعودية المفردة، أما بالنسبة للأنواع الأخرى من المساكن فإن البيانات تظهر نسبا متماثلة للأسر السعودية المفردة والممتدة.
أوضحت الدراسة أنه يمكن وبشكل عام أن نستخلص ميل السكان السعوديين للسكن في الوحدات السكنية ذات المدخل الخارجي المستقل، كما أنه من المنطقي أن نجد كذلك إقبالا من قِبَل الأسر المفردة على السكن في الشقق التي تكون في الغالب أصغر من الفيلات عند مقارنتها مع الأسر الممتدة التي قد تحتاج إلى مساكن أكبر نظراً لكبر حجم هذه الأسر.
وأوضحت الدراسة أن الرغبات السكنية في التملك بالنسبة للسعوديين تميل نحو الفيلات ويظهر كذلك القابلية إلى تملك الشقق السكنية، إلا أن نسبة التغير في الرغبات بالنسبة للاستئجار تزداد على الفيلات والبيوت الشعبية التي تتميز بكونها وحدات مستقلة بمدخل خارجي خاص وباحتوائها على فراغات خارجية مكشوفة، ومع هذا فإنه يجب النظر بحذر إلى هذه النتائج فيما يخص رغبات المستخدمين السكنية حيث إن هذه الرغبات قد تكون ناتجة عن عدد من العوامل والمتغيرات الخارجية التي تتحكم في أنواع الأنماط الإسكانية الموجودة في الوقت الراهن والتي تحد من توافر أنماط أخرى، مما ينتج عنه تقليص فرص الاختيار لدى السكان وبالتالي مدى مصداقية رغباتهم.فمن الأمور الطبيعية - حسب الدراسة - أن تختلف الرغبات السكنية وتتنوع حسب ميول ورغبات الأسر، ولكن على الرغم من الكثافة السكانية الكبيرة في مدينة الرياض وعلى الرغم من التنوع الكبير من ناحية بلد المنشئ، والمستوى المعيشي، والاجتماعي للسكان، نجد محدودية أنواع المساكن المعاصرة المتوافرة أو المعروضة في الرياض. ويعود ذلك إلى عوامل رئيسة هي: مساحات تقسيمات قطع الأراضي، والأنظمة العمرانية، والتمويل، إضافة للعادات والتقاليد والأعراف «النمط الاجتماعي».
فقد مرت عملية تقسيم الأراضي السكنية بعدة مراحل كانت المرحلة الأولى بين عامي 1373هـ/1935م و1388هـ/1968م، حيث تم ولأول مرة تحديد حد أدنى للمساحة بمقدار 100م2 ومع واجهة لا تقل عن 9 م ويطبق ارتداد من جهة الشارع، إلا أن النظام لم يكن إلزامياً على المشاريع الكبيرة، فنلاحظ أن قطع الأراضي في مشروع الملز بمدينة الرياض وفي إسكان أرامكو بالمنطقة الشرقية كانت بمساحات أكبر وعلى شكل فيلات بمساحة 400م2، وتأتي المرحلة الثانية في عام 1390هـ/1970م عندما تم تقديم مخطط دوكسيادس كمخطط شامل يضع الأسس للأنظمة العمرانية وتقسيم الأراضي في مدينة الرياض، حيث تم تحديد مساحة قطعة الأرض في حدود 150م2 - 800م2 ضمن بلوكات كبيرة أبعادها «2كم x 2كم»، روعي فيها التخطيط الشبكي والتدرج الهرمي للأحياء والطرق والخدمات، وفي عام 1395هـ/1975م بدأت وزارة الشؤون البلدية في برنامج المنح المنظم من قبل البلديات ومنها أمانة مدينة الرياض، بدأت هذه المنح بمساحة 400م2 ثم تم زيادة المساحة في عام «1407هـ» إلى 625م2 فيما يخص المنح البلدية وأما بالنسبة للمنح الملكية التي تصدر بأوامر سامية فقد كانت 900م2 أو أكثر. وتلاحظ الدراسة أن تقسيمات الأراضي لم تستمر بشكل إلزامي في كل المشاريع الحكومية، حيث نجد على سبيل المثال أن مشروع إسكان جامعة الملك سعود، وإسكان وزارة الخارجية، وإسكان حي «الجزيرة»، لم يلتزم في تقسيمات الأراضي بمساحات محددة ضمن مخطط شبكي كما هو وارد في مخطط دوكسيادس ومخطط ست انترناشيونال.
ومن حيث الأنظمة العمرانية تقول الدراسة: إن هذه الأنظمة تؤكد للمساكن على مجموعة من التنظيمات التي تحدد نسبة المساحة المبنية والارتدادات اللازمة، وعند تطبيق هذه الأنظمة على قطع الأراضي المربعة الشكل ضمن التخطيط الشبكي، فإن القدرة على التنويع وتطوير الخيارات لدينا تقل أو تكون شبه مفقودة وبالتالي تصبح الخيارات المتاحة كالتالي:
الفيلا: وهي عبارة عن وحدة سكنية منفصلة يكون ارتدادها من الجهات المحاذية للجار مترين على الأقل مع ارتداد لا يقل عن خُمس عرض الشارع.
الدبلكس: وهي عبارة عن وحدتين سكنيتين متلاصقتين من جهة واحدة فقط ويكون الحد الأدنى لمساحة الأرض 250م2، مع ملاحظة شكله السابق فإنه تم تطويره ليكون على شكل أربع وحدات سكنية ولكن للتأجير في الغالب.
العمارة السكنية: ويعنى بها المباني السكنية متعددة الأدوار والوحدات، وهي موجهة للتأجير.
وتوضح الدراسة أن التمويل يؤثر بشكل عام على تحديد نوعية المساكن تماماً كما تؤثر الأنظمة العمرانية، ويرجع ذلك إما للسياسات المرتبطة بالتمويل كما في التمويل الحكومي «بغض النظر عن حجم التمويل»، أو للشروط المرتبطة بالتمويل الخاص «الذي يحرص في الغالب على أن يوظف قروضه في أنواع من المساكن أو العقارات لا تفقد قيمتها بسبب عدم تقبل المجتمع لها»، حيث يغلب على القطاع الخاص التكرار في نماذج التطوير الذي يتبناه نظراً لحرصه على تقليل عامل المخاطرة في استثماراته.
|