Sunday 11th January,200411427العددالأحد 19 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سفير المملكة العربية السعودية في كندا لـ « الجزيرة »: سفير المملكة العربية السعودية في كندا لـ « الجزيرة »:
صعوبة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب يسببها عدم وجود تعريف دولي له

* أتاوا - تهاني الغزالي:
العدالة الدولية في علاج الصراع العربي الاسرائيلي هي المفتاح الوحيد للقضاء على الإرهاب بعد أن اختل ميزان القوى في العالم، وصار قانون الغاب ساري المفعول، اختلطت المفاهيم وتحول الحق إلى باطل والباطل إلى حق بصورة ضاعت بين سطورها الحقيقة، وتحول حق الدفاع الشرعي عن النفس والوطن إلى إرهاب ما دام لايتفق مع مصالح الولايات المتحدة التي نجح إعلامها في أن يجعل من أحداث الحادي عشر من سبتمبر فرصة جيدة ليقنع العالم ان الخطر يحدق بهم من كل حدب وصوب مادام العرب والمسلمون موجودين ويتحكمون في شريان حياتهم الاقتصادية، ولهذا عملوا بكل ما أتوا من قوة على أن يلصقوا التهم والأباطيل للعرب عامة والمسلمين خاصة من أجل أن يبرروا خططهم التوسعية الهادفة للسيطرة على موارد الثروة في الوطن العربي، ولهذا كان للمملكة العربية السعودية نصيب الأسد من تلك الأكاذيب الملفقة لما لها من مكانة خاصة في نفوس المسلمين في كافة أرجاء المعمورة، ولما تتمتع به من ثروات نفطية تطمح الولايات المتحدة في أن تضع يدها عليها. ولهذا دفع مواطنوها ثمن انتمائهم لهذه البقعة المباركة الكثير وخاصة في الولايات المتحدة التي اخضعتهم للكثير من الاجراءات التعسفية التي وصلت في بعض الأحيان إلى حد الزج بهم بدون تهمة تذكر إلى السجن، ولم تكتف بذلك بل عملت على الضغط على كندا لتحذو حذوها عند التعامل مع السعوديين ولهذا حرصنا على الالتقاء بسعادة سفير المملكة العربية السعودية بكندا الاستاذ الدكتور محمد رجاء الحسيني للتعرف على أحوال المبتعثين في كندا وعن رأيه في بعض المستجدات في الساحة العالمية والذي خص صحيفة «الجزيرة» بهذا الحوار.
* مازالت الولايات المتحدة تعتقد إلى الآن ان الإرهاب مازال قائماً وأن لابد من أن يكون هناك تكاتف دولي لمقاومة ذلك فهل تعتقد أنه من الممكن ان يتحقق ذلك خاصة بعد احتلالها للعراق؟
- في البداية أوضح سعادة السفير محمد الحسيني أنه من الصعب في الوقت الحاضر توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب وقد أرجع سبب ذلك إلى عدد من الأمور أولها عدم وجود تعريف دولي متفق عليه عالميا محدد لمعنى الإرهاب والإرهابي ولهذا اختلطت الأمور على الكثير حتى ان الجهود التي تبذلها هيئة الأمم المتحدة لاحتواء هذه المشكلة لم تأت بثمارها نظرا لعدم وجود ذلك التعريف ولذلك تنازعت الأطراف كل في ضوء وضعه، فمن سلبت أرضه يرى في دفاعه عن وطنه شرفاً يستحق له بذل النفس والمال والولد على حين ترى الولايات المتحدة في ضوء نظرتها التوسعية للسيطرة على مقدرات العالم وثرواته أن هذاغير جائز لأي أحد غيرها ما دامت صارت هي القوة العظمى في العالم، ثانيا عدم التوازن في توزيع الثروات في العالم وانتشار الفقر والبطالة والجهل وعدم انصاف النظام الدولي لأصحاب الحقوق لاشك أنه سيزيد من حدة التوتر القائمة بين أصحاب الحقوق والمعتدين ويعمل على زيادة فرص الإرهاب ولهذا حرصت المملكة إيماناً منها بضرورة العمل على نشر السلام في الأرض ومد يد العون للدول المحتاجة إلى إدانة الإرهاب بكافة أشكاله ونادت بضرورة توطيد التعاون الدولي الدولي لمكافحته وقد ظهر ذلك جلياً في الدعوة الكريمة التي وجهها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلى المجتمع الدولي في فبراير عام 2002 عندما دعاه إلى ضرورة ان تقوم كافة الدول تحت رعاية الأمم المتحدة بتوقيع اتفاقية دولية تلتزم فيها بمكافحة الإرهاب والمخدرات وعلى أن تتم معاقبة الدول التي تمتنع عن القيام بذلك إلى جانب ان المملكة أبدت رغبتها واستعدادها في الإسهام بشكل فعال في جهود جماعية دولية تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق وإجماع حول مسألة تعريف ظاهرة الإرهاب في مختلف أشكاله وذلك بدون انتقائية أو تمييز على الرغم من أنها كانت في السابق وفي الماضي القريب هدفا للإرهاب. ومن ناحية أخرى قامت المملكة بدورها كدولة حباها الله بثروة بترولية وان كانت هي نفسها دولة نامية بمساعدة ودعم الدول النامية والمحتاجة على الرغم من تزايد احتياجات المملكة وهي تحتل مرتبة الريادة في العالم في هذا المجال، فخلال الفترة ما بين 1973 و2000 منحت المملكة ما يعادل 114 بليون دولار كمساعدة خارجية ويمثل ذلك (4%) من إجمالي ناتجها القومي ويشكل أعلى نسبة من بين أكبر المانحين للمساعدة في العالم.
وتمنح المملكة للعديد من الدول في مختلف أنحاء العالم قروضا ميسرة ومرنة يصل عنصر المنحة إلى ما نسبته 60% من القروض بالإضافة إلى المنح التي لايلزم إعادة تسديدها وتجاوزت هذه المساعدات إلى حد بعيد الهدف الرسمي (7 ،0) المحدد من قبل الأمم المتحدة بالنسبة للمساعدات الإنمائية الرسمية التي تقدمها الدول المانحة، وقد استفادت 72 دولة نامية من تلك المساعدات التي تقدمها المملكة وغطت قطاعات التنمية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية كما أسهمت المملكة بحصتها الكاملة لصندوق النقد الدولي لدعم مبادرة التخفيف من عبء الديون عن الدول الفقيرة كما وسبق لها في عام 19991 ان تنازلت عن مبالغ كبيرة من القروض التي قدمتها للعديد من الدول الفقيرة، ولهذا اعتقد ان لو قامت كل دولة حباها الله بثروة ما بدورها في مساعدة الدول النامية والمحتاجة لساهم ذلك كثيرا في الحد من انتشار الفقر والمرض والجهل وبالتالي تفادي الكثير من التوتر وأعمال العنف.
* هل حققت سياسة القوة التي اتبعتها الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب في كل من العراق وأفغانستان أهدافها؟
- مما لاشك فيه أن الولايات المتحدة نجحت في الإطاحة بكل من نظام طالبان وصدام حسين ولكن هذا لايعني بالكلية ان كل أهدافها المرسومة قد تحققت طالما أن رأس الأفعى لكلا النظامين ما زال مصيره مجهولاً ولعل استمرار وقوع خسائر في الأرواح وتعرض الجنود الأمريكيين للانفجارات والاغتيالات سواء في أفغانستان أو العراق علامة تدل على أن النصر الحقيقي لم يتم، وأن إدارة الرئيس بوش في وضع حرج قد يثمر في المستقبل نتائج قد لا تحقق للرئيس الأمريكي آماله بالفوز بفترة رئاسية جديدة خاصة بعد أن عجزت إدارته عن تقديم الأدلة الدامغة على وجود أسلحة دمار شامل في العراق وتأكد للرأي العام الأمريكي ان أرواح ابنائه قد تكون أهدرت بسبب الحسابات الخاطئة في العراق. هذا بالإضافة إلى أن سياسة الولايات المتحدة المنحازة لاسرائيل، والمعاملة السيئة التي يواجهها الكثير من العرب في أمريكا على يد سلطات الأمن الأمريكية التي أصبح الهاجس الأمني شغلها الشاغل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد تحول الكثيرين من العرب والمسلمين داخل الولايات المتحدة وخارجها إلى دعاة عنف وإرهاب ضد الولايات المتحدة المتحدة وذلك قد لا يساعد على مكافحة الإرهاب ولايعكس الحقيقة.
* ما موقف كندا من الطلبة والمقيمين السعوديين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟
- حسب معلوماتي لا يوجد مواطنون سعوديون يقيمون إقامة دائمة في كندا أو مهاجرون ولكن هناك أكثر من 5000 طبيب ومبتعث سعودي في الجامعات في مختلف المقاطعات الكندية للدراسة والتدريب مؤقتا ومن المتوقع ان يتضاعف هذا العدد في السنوات القادمة نتيجة للقيود الأمنية الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية لدخول أراضيها على مواطني دول الشرق الأوسط ومن ضمنها المملكة العربية السعودية.
وهؤلاء المبتعثون يتمتعون بسمعة جيدة في الأوساط الأكاديمية والمستشفيات الكندية التي يتدربون فيها وهم سعداء بتواجدهم في كندا حيث يتميز المجتمع الكندي بالتسامح مع كافة الطوائف العرقية والدينية.
ويتميز المبتعثون السعوديون في كندا بالالتزام والانضباط والمهارة في عملهم والسمعة الطيبة وهم بذلك يعدوا سفراء للمملكة أيضاً، ومن المهم بمكان ان يعرف القارئ ان جو التسامح والأمان اللذين يميزان كندا جعل الطلبة السعوديين لايتعرضون لأية مضايقات أو تصرفات تتسم بالكراهية أو بالعدوان سوى واقعة واحدة أو اثنتين، ولم يطلب أي مبتعث سعودي عدا اثنين العودة إلى المملكة حتى تهدأ الأوضاع وقد عادا وواصلا دراستهما، وهنا لابد ان نشيد بدور كندا التي قاومت لمدة عام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 الضغوط الأمريكية لفرض تأشيرات لدخول كندا على جميع المواطنين السعوديين حيث كان المواطنون السعوديون معفيين من هذه التأشيرات ثم مالبثت كندا وفي إطار التنسيق الأمني بين كندا والولايات المتحدة أن وافقت على فرض التأشيرات في 5 سبتمبر 2002 على جميع المواطنين السعوديين الذين يرغبون دخول كندا ولكن بعد مناقشات بين السفارة والسلطات الكندية تم اتخاذ ترتيبات أكثر مرونة تسهل من دخول المبتعثين إلى كندا وإقامتهم فيها للدراسة أو التدريب دون عقبات تذكر.
وفي ختام الحديث مع سعادة السفير محمد الحسيني أكد على ضرورة أن يأخذ ما يطلق عليهم المحافظون الجدد في الإدارة الأمريكية الحالية والذين يعملون على أن تتبنى هذه الإدارة سياسة موالية لاسرائيل والسعي إلى تشويه صورة المملكة والعرب المسلمين خدمة لأهداف جماعات ضاغطة والحصول على أصوات الناخبين بشتى الوسائل بعين الاعتبار مدى حساسية القضية الفلسطينية سياسياً ودينيا لاثنتين وعشرين دولة عربية يبلغ عدد سكانها مجتمعين أكثر من 300 مليون نسمة ومشاعر أكثر من 55 دولة عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي يبلغ عدد سكانهم 3 ،1 مليار نسمة ولهذا من الضروري ان يعلم هؤلاء ان عدم حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا سوف يجعل هذه القضية من أهم أسباب عدم الاستقرار وانتشار العنف الذي قد يتطور إلى عمليات إرهابية داخل الأراضي المحتلة وخارجه وهي عمليات يعتبرها الكثير في العالمين العربي والإسلامي حقا من حقوق المقاومة والدفاع عن النفس.
وقد بين أن حل مثل هذه المشكلة موجود خاصة بعد ان وضعت اسرائيل عراقيل في طريق خارطة الطريق للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين فمبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله للسلام مازالت قائمة وأصبحت خطة عربية متفق عليها لأول مرة في تاريخ النزاع العربي الاسرائيلي من قبل الدول العربية بالاجماع والمجتمع الدولي. ولقد طرحت هذه الخطة للمرة الأولى إطارا واضحا وجادا وصريحا وبسيطا لحل مشكلة صعبة طال أمدها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved