القسوة لا تبني قصراً

كتب الاستاذ محمد الدبيسي يوم الاربعاء 8/11/1424هـ مقالة ينتقد فيها بعضاً من المسلسلات الرمضانية، وعليه احببت ان اقول لو تأمل الانسان النفس البشرية لوجدها تستثقل النصيحة! وهذا ليس حقاً على كل حال، لكن إذا كانت النصيحة تحمل الطابع الهجومي، الذي يجرد الشخص من إيجابياته، ويجعله قريباً من السلب فهي - بحق - التي تنفر منها النفس السوية، وتتحطم منها القوى البشرية، لان هذا النقد معول للهدم، وطريق لنقض البنيان.
ومعلوم ان النقد لا يسير نحو السلبيات فحسب، إن من أساسياته ايضاً كشف المعادن الثمينة، والكنوز الدفينة وهذا ما ينقص الاستاذ محمد حفظه الله في جل مقالاته، فبدلاً من أن يملأ قلمه حبراً سيالا.. نراه يلغمه برصاصات تصيب المقاتل.. وتهد المضاجع.. فالكتابات التي تحملها مقالاته تحمل الطابع الهجومي الصرف مستعملاً الإيحاءات احيانا، ومصرحاً تارة اخرى. لقد صدرت دراسة للدكتور ابراهيم بن منصور التركي بعنوان «تضاريس الوجع» فصب عليها العذاب صبا - واتهمها بالتخلف! وأن لفظة - رواية - كبيرة عليها، ولو رجعت إلى هذه الرواية لوجدت النموذج الإسلامي الجميل الذي يزين جنباتها ويكسوها معلماً من معالم الصفاء، وهي بحق بادرة جميلة واضواء ساطعة تحمد للرواية الإسلامية.
وهاهو يرمي بشرر على أحد الفضلاء عندما وقع لمن يشترون كتبه، وعد ذلك حذلقة.. والى غير ذلك من الصور التي تتزاحم بالمخيلة.
ان علينا ان نراعي مشاعر الآخرين، وعلينا أن نحمد لهم جميل صنعهم، وحسن عملهم، ولا ندفن مواهبهم في مهدها، بل علينا أن نكون اليد الحانية والساعد اللطيف ، اما القسوة فهي بحق لا تولد الا الخيبة والخسران ولنا في خطاب الله تعالى لرسول صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة حينما قال : {فّبٌمّا رّحًمّةُ مٌَنّ اللَّهٌ لٌنتّ لّهٍمً وّلّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ القّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} وكما قيل لا تكن ليناً فتعصر، ولا قاسياً فتكسر، ولو قلت انني احمل «فقسا ليزدجروا» فاني أقول لك «لم تكن حازماً احياناً» ، بل في كل حين ولحظة، وليتخيل الإنسان نفسه وقد صب عليه هذا العذاب! فماذا سيكون حينها، حتما لن يقبل نقداً، بل سيصر على رأيه.. مهما اقتنع لاحقاً بخطئه وزيفه - انها دعوة للين، ودعوة لليسر، لانها صفات يحمدها ديننا وترضاها نفوسنا.. فالقسوة لن تخرج ماءً ، ولن تعدل غصنا! وفرق بين الرياح والريح!!