اليأس والقنوط لا يدفعان المقاتلين والشباب المتحمسين إلى القيام بأعمال غير متوقعة، بل يصيبان الساسة بالإحباط ويجعلانهم يتخلون عن هدوئهم الذي يتميزون به عادة، والفلسطينيون الآن هم أكثر شعوب العالم يأساً وقنوطاً لتخلي المجتمع الدولي بأسره عن دعم قضيتهم العادلة، بلى حتى أدنى حقوقهم الشرعية أخذت بالتقلص وأرضهم تقضمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتقسمها من خلال إقامة الحواجز العنصرية وبناء المستعمرات الصهيونية فوقها وسط لا مبالاة دولية تدفع أكثر العقلاء صبراً وأكثرهم اتزاناً ليفقد صبره.. وهذا ما أخذ يتسرب للمجتمع الفلسطيني شباناً وشابات، مقاتلين وساسة ورجالاً عاديين، هذا المجتمع بدأ مختلف شرائحه يفقدون الثقة بكل المبادرات والأفكار التي تطرح بين الحين والآخر من قبل القوى الدولية وآخرها مبادرة «خارطة الطريق» التي رغم افتقارها للحد الأدنى لما يطمح إليه الفلسطينيون إلا أن السلطة الوطنية قبلت بهذه الخطة التي لوحت ب«الدولة الفلسطينية» لجعل الفلسطينيين يقبلون بما هو معروض عليهم، إلا أنه ورغم الحيف الذي تمثله هذه الخطة التي تجتزئ الكثير من الحقوق الفلسطينية، إلا أن حكومة آرييل شارون لا تزال تماطل، بل وتضع العراقيل أمام خطة خارطة الطريق مما يجعل استحالة تنفيذها خاصة في ظل السلبية والميل الواضح من قبل الجانب الأمريكي للحليف الإسرائيلي.
كل هذا جعل رئيس الحكومة الفلسطينية السيد أحمد قريع، وهو السياسي الهادئ، يترجم حالة اليأس الذي أصبح حالة عامة في صفوف الفلسطينيين، ويعلن عن عزم الفلسطينيين على إعلان دولة ذات قوميتين عربية وإسرائيلية على كامل أرض فلسطين.
قول السيد أحمد قريع قد يكون تنبيهاً أو تحذيراً للإدارة الأمريكية التي تشاهد وتتابع أعمال شارون بفرض حواجز، وحدود على الأرض الفلسطينية مقلصاً «الدولة» التي وعدت بها «خارطة الطريق» الأمريكية.
والتحذير الفلسطيني لا نريد أن يقابل بموقف أمريكي معارض بإطلاق الوصف الجاهز دائماً بأنه تصرف أحادي، ويتهم الفلسطينيين بتخريب السلام الذي يخرب يومياً على يد أرييل شارون ولا يحرك الأمريكيون ساكناً.
|