Saturday 10th January,200411426العددالسبت 18 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
يا أنتم... والحج!!
خيرية إبراهيم السَّقاف

أيام ويبدأ الحج وما يلبث أن ينتهي... ركن الإسلام الذي فرضه اللَّه تعالى مشروطاً بالاستطاعة...
والناس تتبارى في استطاعتها، وما كانت شعائر الإسلام للتَّباري إلاَّ من أجل الأجر...
غير أنَّ الإيمان مقيَّدٌ بأخلاقٍ قوامُها الإحساس بالآخر، وإيثاره على النفس، ومحبة أن يُهيَّأ له « ما يُهيَّأ» للنَّفس من الفرص، والإمكان، والاستطاعة كي يتمكن من أن يؤدي فروضه وأركانه وواجباته بما يمكِّنه من إتقانها، وإتمامها على الوجه الذي يحسبه البشر سليماً وتاماً، ثمَّ يُترك أمرْ تقدير قيمة ذلك عند اللَّه تعالى الذي وحده من يقيس أداءه كاملاً من الجوانب التي لا يستطيع قياسها الإنسان وهي تلك المتعلقة بالنِّية، والشعور، والتفكير، وما وراء المقصد في أي تصرُّف، أو سلوك، يرتبط بأداء الإنسان لما شرَّع له وأركانه وواجبات عبادته بوصفه مسلماً قد فُرضت عليه أركان دينه وواجباته وما يتعلق بها على أوجه شرعها حلالها أداءً وحرامها امتناعاً، وما فيه وله من المجازات أو المستحبَّات أو المكروهات.. كل ذلك مناطُ النَّية فيه مرهون.. بتقدير الخالق تعالى...
فلماذا لا يتبارى المسلم وهو على علم بذلك في الإيثار، ويتيح بنيَّة أن يؤجر الفرص التي أتيحت له لمن لم تتح له من المسلمين الذين يأتون من أقاصي الأرض إن تحقق لهم استطاعة التكاليف المادية، قد لا تتاح لهم قدرة الاستطاعة الجسمية من كبر في السن، أو وهن في الصحة، أو ضعف في الذهن،...
لماذا يتسابق السعوديون، في مواسم الذَّروة إلى مكة والمدينة وهم من أتاح لهم الجوار أو الإقامة فيها فرص تعدد أداء الحج والعمرة والزيارة؟!... وفريضة الحج لمرة واحدة في العمر مقرونة بالاستطاعة؟
لماذا لا تفسَّر الاستطاعة الآن في العجز عن مناكبة الحاجَّين في المسجد الحرام وفي الطواف والسعي على وجه التحديد، وعند الذهاب إلى مواقع الشعائر والعودة منها؟ لماذا لا ينظر إلى الأعداد الكثيفة المنتشرة قبل وفي أثناء وبعد الحج ممن يقصدون مكة ونجد مداخل المسجد الحرام ومرافقه تعجُّ بالنائمين، ونوافذ المباني ما حوله والأنفاق والردهات تُكدَّس فيها الأجساد كما تكدَّس الملابس والحقائب حتى أنَّ هناك ما ينبئ عن جهل هؤلاء بسلوك المسلم وواجبه نحو تجديد الوضوء بعد النوم... فلا يحدث عند كثير، وحتى إن حدث فإنَّ المرافق الصَّحية لا تستوعب هذا العدد الهائل من الحجاج، الأمر الذي يجعل الحرم المكي وما حوله في هذه المواسم مع كل الجهود المبذولة لنظافته يتلوث طيناً وذباباً وروائح لا تتناسب أو تليق بالمكان؟ كلُّ ذلك لأنَّ لا أحد يفكِّر في التنازل عن (عادة) القيام بالحج حتى إن كانت حجَّاته تتعدى عدد أصابع يديه؟...
لن ينكر أحد على مسلم رغبته في الاستزادة من الأجر...
ولن ينكر أحد الحرص الرسمي على تنظيم أداء الحج للوافد مثل المقيم...
ولكن لن يتحقق ذلك ما لم يكن هناك إحساس نابع من الإنسان ذاته نحو توجيه الرغبة في الأجر بتمثُّل حديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بأن (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ولعلَّ ما يحب به المواطن للقادم للحج للمرة الأولى في عمره في أعداد كبيرة من خارج منطقة الجزيرة من المسلمين فيه إيثار وإيمان ولن يخيَّْب اللَّه له أجر مقصده. ولعلّ في هذا ما يساعد على تخفيف الضغط البشري على المرافق المخصصة للحج ويمتد ذلك إلى النقل والطرق والإسكان.
ثمَّة ما يُتيح عند ذلك فرصة للدعاة والمتطوعين والمطوفين لنشر الوعي الصحيح بين الحجاج لمعرفة ما يصحُّ وما لا يصحّ جوازاً وكراهة واستحباباً، وما لا يجوز في السلوك العام الذي نقف عليه في المظهر العام لغالبية الحجاج داخل المسجد الحرام وفيما حوله.
اللَّهم امنح المسلمين من المواطنين سِعَة الصَّدر وقوَّة الإيمان كي يقصدوا الأجر منك في الإيثار منهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved