Saturday 10th January,200411426العددالسبت 18 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
معلم خارج الخدمة
رقية الهويريني

ما إن تمر عدة سنواتٍ على قضاء المعلم في مهنته حتى يحاول الخروج منها بعملٍ إداريٍ إما داخل المدرسة وإما خارجها، وقلة قليلة من المعلمين والمعلمات ممن يستمر في وظيفته حتى التقاعد! وتجد أن استمارات الترشيح لمسمى «وكيل أو مدير أو مشرف تربوي أو مرشد طلابي» تتزايد سنوياً في استنفارٍ عجيبٍ للهروب من هذه المهنة التي تعد أم المهن كلها وأكثرها إشراقاً.
إن هذا الهروب المقنع من مهنة التعليم يشير لوجود خللٍ في الانتماء للمهنة، وربما يعود ذلك إلى أن الدخول فيها لم يكن اختياراً ضمن خيارات، بل إن المعلم لم يجد وظيفة إلا التدريس فتقدم لها وتم قبوله للحاجة لمن يشغل وظيفة «معلم» وليست الحاجة إلى «المعلم، المربي القدوة»! والملاحظ أن بعض المعلمين محسوبون على التعليم وهم لا يمثلون القدوة الحسنة المطلوبة في المعلم كشرطٍ للقبول، فالبعض منهم يستخدم الألفاظ النابية وغير اللائقة، وقد يشتم أو يضرب ويسفه أو يحقر طلابه! وقد يكذب أو يخلف الوعد فيظهر بصورةٍ سيئة أمامهم، إضافة إلى عدم التزامه بالوقت، وقلة الإخلاص، فضلاً عن ضعف التأهيل، فالطالب الذي تخرج في الجامعة بتقدير «مقبول» لا يفوق الطالب «الراسب» إلا بدرجة واحدةٍ فقط! بينما يتفوق عليه الطالب الحاصل على تقدير «امتياز» بما يزيد على 30 درجة ثم يعمل كلاهما بالتدريس!! وتفاجأ حين ترى أن بعض المعلمين الحاصلين على تقديرات عالية والناجحين أكاديمياً يفشلون في توصيل المعلومة بطريقة سليمة بسبب ضعف التأهيل التربوي أو عدمه، حيث يلاحظ أن خريجي بعض الجامعات والكليات أصبحوا معلمين ومعلمات دون تأهيل «تربوي»! أضف لذلك عدم الشعور بمسؤولية المهنة وما تقتضيه هذه المسؤولية من كون المعلم مربياً قبل أن يكون موظفاً! فالتعليم مصطلح عام لكل جوانب المعرفة الشرعية والثقافية والتوعوية، والمسؤولية ترتبط بالأمانة ارتباطاً وثيقاً ومرجع ذلك للآية الكريمة {إنَّا عّرّضًنّا الأّمّانّةّ عّلّى السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّالًجٌبّالٌ فّأّبّيًنّ أّن يّحًمٌلًنّهّا وّأّشًفّقًنّ مٌنًهّا وّحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ} فالجبال رفضت هذه الأمانة لارتباطها بمسؤوليات ثقيلة، بينما المعلم قبل هذه الأمانة بانتسابه لمهنة التعليم، ولكنه لم يدرك المسؤوليات المنوطة بهذه المهنة العظيمة!!
والحقيقة أننا نحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية ضعف انتماء المعلم لمهنته بسبب اعتماد الوزارة على الكم دون الكيف، حيث إن فتحها مجالاً أكبر لوظيفة معلم جعل التعليم مهنة من لا مهنة له!! وكذلك دخول المعلم للميدان التربوي دون تأهيل، وكان الأجدر المرور على تدريب لا يقل عن عامٍ دراسيٍ كامل قابل للإعادة في حالة عدم الحصول على التأهيل المطلوب مع الدقة وعدم تدخل المحسوبيات والواسطات ولا سيما أن ذلك له ارتباط بتنشئة أجيال الأمة وله علاقة بمستقبلها وحضارتها. إضافة إلى افتقاد عنصر الدعم المعنوي للمعلم المتميز، الذي يسعى لتطوير مهنته وابتكار الوسائل التعليمية المناسبة لها، وفي الوقت ذاته يملك الحس التربوي والأبوي تجاه تلاميذه!!
ترى متى نرى في مدارسنا من يتحسس طلابه، ويتلمس حاجاتهم النفسية، ويرفق بهم، ويوجههم للنظافة الشخصية والاستحمام دون تعنيف- وكأنهم أبناؤه- مثلما يطالبهم بالتزام الأدب، واحترامه، وبحل الواجبات ومذاكرة الدروس؟!

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved