س: كان لي جار يسكن مع أسرته يظهر منه الدين والعلم والكرم بدا لي منه أنه لا يلقي لي بالاً فبادلته هذا الشعور فصببت عليه جام الغيبة والنميمة فكان بعض من أتكلم عنده فيه يكره ذلك وبعضهم يطرب انا مادتي فوق المتوسط والمال كسبته من هنا وهناك. وهذا الجار أدرك غيبتي له فقد نقل إليه أنني أغتابه عند إخواني، وأهل زوجته نعم أهل زوجته وأبناء عمه وكلنا أبناء عمومة، أُصبت بجلطة خفيفة وولدي وسط من حيث الدين والكسب المالي تضايق هذا الجار فهجرني ثم انتقل بعيداً عني لكني لم أزل فيه أغتابه بحكم طبيعتي الخبيثة كما يقال عني أو بحكم ما أجده ممن ينصت لي.
سؤالي هل صحيح أنني مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؟ وكيف أصلح وضعي؟
س م س م.. الرياض
ج: في سنة 1351هـ في قصة تونسية كنت قد قرأتها في دولة المغرب في فاس سنة 1403هـ، صدرت هذه القصة سنة 1374هـ لكن أحداثها كانت في سنة (51 هـ) ملخصها حسب فهمي لها: أن رجلاً حسد آخر وكان الحاسد أقوى جاهاً ومالاً حسده لكونه: مثقفاً بارعاً لكن الحاسد قطع الطريق عليه بدهاء وألاعيب بيِّنة أدرك الطرف الآخر ذلك فانسحب وجامل لكنه كذلك لم يسلم حتى لقد وشى به إلى جهات عليا حينما سئل عنه فأجابهم بعدم الثقة به لكن بدهاء وسعة حيلة فأدرك الطرف ذلك كذلك فزاد انسحاباً من المجتمع والزيارات أليس محبطاً؟ أليس مقهوراً هو ذاك ولا جرم.
في صيف سنة (51هـ) جاء إخوة زوجة الطرف الآخر يتشكونه عند الحاسد فأشَّر إليهم وأشار (اشتكوه) ففعلوا فتم الطلاق والعداوة فأدرك الطرف الآخر ذلك فانسحب زيادة، وفيما ضاقت عليه حاله ترك بلده إلى بلد آخر مجاور ومع مر الزمان أخذ الجنسية لأنه مقبول كونه شاعراً فذاً ومثقفاً جيداً فرحت به تلك الدولة ورفعته جداً حساً ومعنى عنَّ له بعد (34 سنة) أن يزور بلاده بصفته شاعراً ومثقفاً ومستشاراً علمياً بدرجة وزير.
هاله حال ذلك الرجل وهاله حال أهل زوجته أيضاً.
فذاك عجز عن المشي عند عمر 91 وكف بصره وتفرق ولده وأصيبت زوجته بداء السكر ووباء الكبد المطاول، وأهلها ما بين مرض وتفرق ولهث وراء الحياة.
عمر ذلك الرجل المحسود كان (65 سنة) لكنه حينما تراه يكون في عمر: الثلاثين فقد أخذ الله بيده بعد دهر حتى رأى فيمن آذاه ما رأى .) أ - هـ .
أتدري يا أخ: س م س م لماذا تغتابه وتُشنع عليه لأنك حسدته (دين، وعلم، وكرم) فماذا بقي لك، لم يبق إلا الحسد ووسيلتك إلى ذلك إنما هي الغيبة والنميمة وقد يصاحبهما الاحتقار والكذب حتى تشفي نفساً مريضة ألست تعلم أن (فاقد الشيء لا يعطيه) ألست تعلم صدق من قال (رمتني بدائها وانسلت) وقول من قال (وما ضرني إلا الذين عرفتهم).
نعم ما فعلته كبيرة من الكبائر، وعامة عذاب القبر منه بجانب ما يلحق النمام في دنياه من هوس نحو: المال والجاه، افزع إلى جارك تقرب إليه ثم تقرب ثم كن قاب قوسين أو أدنى ثم تحبب إليه فانظر أمرين:
1 تعويضه عما لحقه منك بسبب الغيبة.
2 اطلب العفو منه ولعلك تسلم ولو تأخرت التوبة.
اكثر الاستغفار والدعاء له واذكره بذكر حسن في كل مكان ذكرته فيه بسوء، واقصد من سمع واستمع إليك عنه فيه ما قلت فاذكره باحسن ما تعلم عنه ولا تُبالغ في ذلك، أما وضعك خاصة المال فتنبه لحرامه ومشبوهه فاخرجه وفر منه فرارك من إيذاء جارك.
|