اطلعت على ما سطرته انامل الكاتبة.. الأخت طيف أحمد في جريدة الجزيرة بعددها 11415 بعنوان الطلاق فرح أم ترح؟ نهاية أم بداية؟
في البداية اريد ان اقدم شكري وتقديري للأخت الفاضلة.. طيف أحمد على ما تقدمه من اطروحات مفيدة تفيد المجتمع.. واني اضم صوتي الى صوت كل من طالب بزاوية للأخت طيف في جريدة الجزيرة.. تطل على القراء من خلال تلك الزاوية.. فهي جديرة بذلك.
في البداية أحب أن أقول: إن الزواج أمر طبيعي بالنسبة للإنسان ولكل كائن حي على وجه الارض.. والله سبحانه وتعالى شرع الزواج وجعل بين الزوجين مودة ورحمة لبناء اسرة سعيدة وان يبذل الزوج والزوجة الجهد لتحقيق المحبة والمودة والاخلاص تجاه الآخر.
والأسرة: هي البيئة الاجتماعية الأساسية للفرد وفي محيطها يحتاج الأمر الى تهيئة جو أسري هادئ. وقد يسير زورق الحياة عكس الاتجاه المحدد له وتكثر الخلافات والمشاحنات بين الزوجين وتضيق بهما السبل وتفشل جميع المحاولات في الإصلاح فيكون الطلاق في هذه الحالة ضرورة حتمية لابد منها وهو آخر العلاج.
ولا شك ان الطلاق أمره مكروه ولذلك يصفه النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأنه ابغض الحلال الى الله ويقول في التحذير منه «لا يفرك مؤمن مؤمنة.. ان كره منها خلقا رضي آخر» والإسلام اباح الطلاق عندما يتعذر العيش بين الزوجين.
وان من أهم وصايا الإسلام المعاشرة بالمعروف.. والطلاق امر كريه وبغيض يفرق شمل الاسرة ويهدم بناءها ويجني على الأطفال الأبرياء.. لكنه في نفس الوقت عملية منظمة لحفظ حقوق المرأة والرجل.. والطلاق ضرورة انسانية يترتب عليه الاصلاح الاجتماعي.. وقد يكون خيرا «للرجل والمرأة» اذا استحالت العشرة بينهما.. وان نسبة الطلاق في ازدياد بدرجة كبيرة في المجتمعات.. ولا نقول بأن المتسبب في وقوع الطلاق الزوج او الزوجة فالمسؤولية مشتركة بينهما.
ولا يعني ذلك ان المطلقة امرأة فاشلة ولكن الظروف قد تكون أقوى من استمرار حياتها الزوجية مع إنسان لم يتفهم طبيعة مشاعرها.. وقد تنجح حياتها مع شخص آخر.
ان الطلاق بداية وليس نهاية.. بل هي بداية حياة جديدة بالنسبة للمرأة المطلقة.. وانه ليس ظلماً للمرأة على حد زعمهم بل هناك أمور يكون الطلاق فيها أمراً «ملحاً».. ولا اعتراض على إرادة الله عز وجل والله له حكمه في ذلك عندما ينفصل الزوجان.. ورب ضارة نافعة.
وليس الطلاق هو نهاية العالم بل قد يكون بداية حياة جديدة ناجحة وفي بعض الحالات يسمى الطلاق بالطلاق الناجح.. وانا هنا لا اشجع المرأة على الطلاق اطلاقاً، ولكن أهون عليها الأمر حتى لا تصاب باحباط وتقع فريسة للامراض النفسية.
إلا انه للأسف لا توجد برامج تأهيلية للمطلقة تساعدها على التكيف في مرحلة ما بعد الطلاق.. ومن خلال الاطلاع على الدراسات التي اجريت في الدول العربية لم يتضح وجود اي برامج تأهيلية للمطلقة تساعدها على التكيف في مرحلة ما بعد الطلاق. وحتى تعيش المطلقة حياة سعيدة لابد ان تستثمر هذا الماضي بالتخطيط المستقبلي وتستفيد من النقاط الايجابية الموجودة عندها..
اختي المطلقة نصيحة اوجهها اليك.. لا تجعلي اليأس يتسرب الى نفسك مهما قست الظروف.. ولا تبحري في سفينة احزانك بين امواج الحياة المتلاطمة.. بل مدي اشرعة التفاؤل في حياتك..وابدئي صفحة جديدة واطوي الصفحة الماضية من قاموس حياتك.. لتبدئي حياتك الجديدة بكل حب صادق ينبض من جوانح قلبك وانثري من جداول حنانك على من حولك.. واعملي على تدعيم العلاقات الأسرية حتى يتحقق أثرها النافع على صحة أبنائك النفسية.. وتلافي تصدعها الذي يؤثر تأثيراً «ضاراً» ومن أهمها انهيار الجو الأسري بسبب الطلاق.. واشبعي الحاجات النفسية لابنائك وخاصة الحاجة الى الانتماء والأمن والحب.. ولا تدعي الاضطراب والقلق والتوتر يتسرب الى نفوسهم فهي في هذه الحالة تكون مرتعاً خصباً للانحرافات السلوكية والاضطرابات النفسية والاجتماعية.
والإسلام حث الأزواج على المعاشرة بالمعروف وأوصى الرجال بصفة خاصة بإحسان معاملة النساء في آيات قرآنية وأحاديث نبوية.. فإذا وقع الطلاق بعد محاولات الصلح بين الزوجين فهناك التعامل الكريم بين المطلقين بالفضل والحسنى من اجل الأبناء.. ومن أجل حياة كريمة بين الاسرتين.. حيث انه بعد الطلاق بين الزوجين تكثر المشاحنات والمقاطعة بين الاسرتين.. فلذلك لابد من تدعيم العلاقة بالحسنى حتى تكون العلاقة بين الاسرتين على أحسن حال وتسير المياه في مجاريها وكأن شيئاً لم يكن فهذه سنة الله في الحياة.. وان استمرار الحال من المحال.. وما خلق الله لقاء إلا جعل بعده فراقاً.. ولا خلق حياة إلا جعل بعدها مماتاً.. وكل شيء في هذه الدنيا يولد صغيراً ويكبر إلا الصدمة فإنها تولد كبيرة وتصغر مع مرور الزمن فلذلك جعل الله النسيان نعمة للإنسان.. فانسي ماضيك وابدئي حاضرك بحياة يملؤها التفاؤل والسعادة لك ولمن حولك.
العنود بنت عبدالله
الرياض 11345 / ص.ب 381146 |