فكرت كثيراً قبل كتابة هذا المقال أن أطرحه على شكل أسئلة «استفزازية»، ما جدوى الحديث المستمر عن الحوادث المرورية ونحن نشاهد ونقرأ كل صباح أنها في ازدياد؟ ولماذا لا تثمر كل تلك التوعية المكثفة التي يقوم بها المختصون في هذا المجال بالتقليل من الوفيات والأضرار الجسيمة للحوادث؟ وهل العيب فينا أم في «مركباتنا» وشوارعنا؟ أو حتى في تركيبتنا النفسية؟ أين يكمن الخلل؟ والجميع يشاهد «الدم» والإعاقات، بل الرحيل عن الحياة، ومع كل ذلك فهم يقومون كل صباح ب«الدوس» على قوانين المرور وعدم احترام الإشارات أو النظم؟! ومازالت أقسام المستشفيات تتلقى الأجساد «المعطوبة» بسبب تهور السائقين كل يوم! وكم أسرة «دمرت» بكاملها.. وكم عائل.. وكم أم.. وكم شابة ترملت وكم شاب أصيب بإعاقة دائمة.
وكل تلك الدراسات التي «تنهمر» علينا يومياً وبصورة «توقف» النبض.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. لم تنفع العقوبات الصارمة.. ولا الحزم الزائد في وقف هذا التهور أو التدهور.. وأصبحت شوارعنا ساحة «حرب» مستمرة.. والعدو هنا صور ذواتنا التي لا تبالي بقوانين الطريق ونظمه.. فالكل يريد ان يكون «الأول» حتى ان أحد الساخرين قال إن الحل في مسألة حوادث المرور هو إنشاء طريق لكل مواطن!!
وربما نستطيع القول هنا ان وقف النزيف في الشارع يبدأ من المنزل ومن التوعية الأسرية والتنشئة الصحيحة لأطفالنا بأن الحياة هبة الخالق الجميلة التي يجب ألا تهدر عبثاً في الطرقات.
وأجزم هنا أيضاً ان المشكلة ليست «ميدانية»، بل هي في «أطر» ما قبل الميدان والمقصود هنا كما قلنا مراراً هو ضرورة تكاتف كافة أفراد المجتمع وخاصة الآباء والأمهات من أجل وقف هذا النزيف.
( * ) المدير العام |