تحدثت في المقالة السابقة عن ثقتي الكبيرة بالله ثم في منتخبنا الوطني وقدرته على الاحتفاظ باللقب الخليجي والعودة بالكأس من الكويت وتحقيق إنجاز جديد وكسر الاحتمالات ولغة الأرقام في ظل معطيات البطولات السابقة وتاريخ المسابقة.. وكانت ثقتي هذه مبنية على النضج الكروي الذي وصل إليه منتخبنا ليس فقط بسبب مستوى أداء اللاعبين ومهاراتهم الفردية وخبرتهم وترابط الفريق والأداء الجماعي والروح المعنوية التي يتمتع بها الفريق، ولا بسبب اللاعب رقم 12 جماهير الفانلة الخضراء أو بسبب وجود جهاز تدريبي واقعي وموضوعي يثق في قدرات فريقه وإمكانياته ثقة مبنية على الاستعداد البدني والنفسي، فكل هذه العوامل لا شك أنها مؤثرة.. ولكن في اعتقادي الشخصي ان النضج الكروي ناتج عن وجود قيادة حكيمة للمنتخب عبر سنوات من الزمن برئاسة المغفور له بإذن الله أمير الشباب فيصل بن فهد وتواصلت تحت رعاية سمو الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل في تبني سياسة رياضية ناجحة قائمة على ثوابت الروح الرياضية والواقعية والموضوعية والشفافية في التعامل مع الاخوة الأشقاء قادة الرياضة الخليجية، والتأكيد المستمر على هذه الثوابت وأن الرياضة وسيلة فعَّالة في جمع الاخوة في الخليج ووحدة شبابها، ولقد تميز الأمير سلطان قائد مسيرتنا الرياضية خلال هذه البطولة بنجوميته فهو النجم الاول لخليجي 16، فلقد قدم وما زال يقدم كل يوم من أيام البطولة دروساً في القيادة والإدارة الرياضية لنا ولقادة ولشباب الرياضة الخليجية والعربية.. وستبقى عبارته المأثورة التي كررها بعد كل لقاء (البطولة ما زالت في الملعب) على الرغم من أنه حسمها من خارج الملعب ستبقي هذه العبارة في تاريخ البطولة نبراساً للروح الرياضية تتوارثه الأجيال.. فالتواضع عند الفوز وتلمس الأعذار للفرق التي تخسر امام منتخبنا وتأكيده الدائم بعد كل مباراة أن البطولة متاحة لكل فريق، وما يسجل لسموه أيضاً عدم تذمره من التحكيم أو من جدول المباريات وضغطه او أرضية الملعب وصغره من حيث الاستيعاب الجماهيري كما فعل الآخرون على الرغم من أنه يقف على رأس هرم كرة القدم العربية.. ومما لا شك فيه ان وجود سموه مع المنتخب ومتابعته المستمرة عن قرب والعمل المستمر بصمت أسهم بصورة كبيرة ايضا في ظهور المنتخب بهذا المستوى وتفوقه على بقية الفرق واستعادة توازنه بسرعة خيالية بعد كبوة اليابان من خلال الوصول بمنتخبنا للترتيب الأول عربياً في التصنيف العالمي وتحقيق كأس العرب بمنتخب من الشباب وها هو يقترب من التتويج الخليجي، كما أن لسموه الأمير سلطان دوراً كبيراً ايضا في الإعداد النفسي الجيد للاعبين ومحاولته الدائمة بث روح النجاح والتفوق والكفاح من أجل الفوز وبعث الحس الوطني لدى اللاعبين على الرغم من الضغوط النفسية والإعلامية في كل مباراة يلعبها منتخبنا في خليجي 16، وكان ايضا لسموه دور كبير في الارتقاء بالإعلام الرياضي السعودي على مختلف مستوياته من خلال تواصله الدائم وتوجيهاته المستمرة بضرورة تحري الدقة والموضوعية في النقد والواقعية في الطرح والتأني في الحكم على عطاء المنتخب وجهازه الفني.. فهنيئاً لنا بهذه القيادة وكل ما أرجوه هو أن يستفيد رؤساء أنديتنا من هذه القيادة الحكيمة في التعامل مع الأحداث الرياضية بواقعية وموضوعية وبعيداً عن التعصب الرياضي.
بانوراما خليجية
* مدرب منتخبنا فاندرليم مدرب ناجح ووفق الاتحاد السعودي لكرة القدم في التعاقد معه على الرغم من بعض التغييرات التي لم تبد مقنعة أو مبررة لبعض المحللين الرياضيين، ولكنه نجح في أكثر من لقاء في قيادة المنتخب، والتعادل غير العادل مع الكويت لا يسأل عنه. ولقد أحدث تغييرات مهمة وجذرية في تكوين المنتخب السعودي وأسلوب أدائه، ومن لا يتفق معي في هذا الرأي أو يعتقد أن المدرب لم يضف شيئاً للمنتخب عليه الرجوع لأداء المنتخب في هذه البطولة ومقارنته بتصفيات كأس العالم، فالملاحظ في مباريات هذه البطولة هو تفوق اللاعب السعودي في الكرات الهوائية الدفاعية والهجومية والتفوق على الخصم في الكرات المشتركة وتخليص الكرة من الخصم والدفاع بالهجوم الضاغط على الخصم والانتشار الجيد واللعب بثقة، كما أن التغييرات التكتيكية التي أجراها في آخر 20 دقيقة في مباراة عمان جعلت ماتشالا يقف حائراً وعاجزا لا يصدق ما حل بمنتخبه بعد هذه التغييرات، ومن قبل ذلك في مواجهة البحرين عندما أحدث تغييرات بدت للمتابع غير موفقة في الشوط الأول على الرغم من ارباكها للخطة التي رسمها مدرب المنتخب البحريني وسرعان ما آتت ثمارها في الشوط الثاني عندما سيطر المنتخب على المباراة وانتزع النقاط الثلاث.
* مبروك زايد حارس منتخبنا قدم مستويات كبيرة في هذه الدورة وأسهم إسهاماً كبيرا في خروج منتخبنا فائزاً في مواجهة عمان الحاسمة.. وهو بهذا الأداء استحق جائزة أفضل لاعب في المباراة ويستحق جائزة أحسن حارس في البطولة، وأثبت ان الحراسة السعودية بخير وأنه خير خلف لخير سلف.
* ياسر القحطاني لاعب متميز ويملك الكثير من المهارة والذكاء الكروي.. وثق به فاندرليم وتمسك به وراهن عليه وعلى نجاحه.. وكان في مستوى الحدث وورقة المنتخب الرابحة التي أكملت معادلة التفوق السعودي وأربكت حسابات الفرق الأخرى.. ووجوده في هجوم المنتخب عوَّضنا غياب قائد منتخبنا السابق سامي الجابر.
* وجود البدلاء الجيدين والجاهزين الذين لا يقلون مهارة وعطاء في صفوف منتخبنا ومساهمتهم كلاعبي مقعد احتياط أو ما يعرف ب Bench Contribution في تحقيق الفوز ومفاجأة الفرق الاخرى او تعديل نتيجة المباراة تعد إحدى الورقات الرابحة التي اعطت ميزة لمنتخبنا مقارنة بالفرق الأخرى التي افتقدت للاعب البديل الذي لم تجده حتى من خلال التجنيس الخارجي.. ولكن الحقيقة التي يجهلها أو يغفلها المحللون الرياضيون في دول الخليج ان الكرة السعودية معين لا ينضب من النجوم، وأعتقد من الممكن تكوين فريق سعودي آخر قد لا يقل عن الفريق الحالي المشارك في البطولة، فالدعيع والجابر والتمياط وحسين عبدالغني وصالح بشير وأحمد خليل وعبدالله شريدة ومرزوق العتيبي وعبدالله الشيحان وإبراهيم ماطر وغيرهم من النجوم ما زالوا قادرين على العطاء ولعل مشاركات الأندية السعودية السابقة أثبتت هذا وستؤكده بإذن الله البطولات المنتظرة للأندية.
* تحية تقدير وإعجاب وباقة من الورود نبعثها من الرياض العاصمة لمدير منتخبنا سمو الأمير تركي وللجهاز الإداري والفني للمنتخب ولجميع لاعبي منتخبنا على الأداء المشرف.. ونذكِّرهم بأن البطولة لم تنته بعد وأمامنا اليوم لقاء أخير مع اليمن لا يقل أهمية عن اللقاءات السابقة وهو لقاء التتويج بإذن الله.
|