عزيزتي الجزيرة
اطلعت على ما سطره قلم الكاتب القدير محمد ابو حمرا في صفحة مقالات من يوم الجمعة الموافق 10/11 والعدد 11418 تحت عنوان «هيلة او فلوة او ضحاء او نارمين» حيث عاتب الكاتب وبقوة من يغير اسمه وتساءل ما الداعي الى تغيير الاسم الذي عرفت به الاسرة واختصت به.. الى اسم خارج سربها.. الخ ما قاله الكاتب.
واعتبر الكاتب ان الذي لا يغير اسمه القديم فان هذا من الصلابة والقوة والحفاظ على الاسم الذي عرف به الشخص.. ونسب ظاهرة تغيير الاسماء الى العولمة.. وانا هنا اخالف الكاتب في وجهة نظره فالذين لهم اسماء شاذة لا تناسب مجتمعا كمجتمعنا.. ولا اريد ذكر اسماء بالتجديد ثم قولك ان العولمة لها تأثير فلا اظن هذا صحيحا.. بل ان ديننا الحنيف يأمرنا باختيار الاسم الحسن.. وان ذلك من حقوق الأبناء على آبائهم.. فما ذنب الطفل اذا شذ عن زملائه واصحابه باسم غريب بعيد كل البعد عن مجتمعنا.. وقد يتعقد الطفل من جراء هذا الاسم..
ولا دخل لقوة الشخصية من ضعفها.. فالاطفال حساسون لم تبرز لهم شخصية بعد.. أورد البخاري «6190» عن ابن المسيب عن ابيه. ان اباه جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك؟ فقال: حزن قال: أنت سهل قال لا اغير اسماً سمانيه ابي قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد..» فأنظر الى تأثير الاسماء على شخصية ذلك الرجل.. وهل نفعه تمسكه باسمه.. ثم انظر الى هديه صلوات الله وسلامه عليه حيث انكر عليه اسمه واختار له اسماً سهلاً لطيفاً.
ان على الآباء مسؤولية عظيمة تجاه تسمية ابنائهم.. فعليهم اختيار الاسماء المناسبة.. والتأسي بقدوتنا وسيدنا عليه الصلاة والسلام.
فثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه غيَّر عاصية وقال انت جميلة، وغير برّه الى جويرية.. وغيَّر عليه الصلاة والسلام اسم العاص وعزيز وعتله وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاماً وسمَّى حرباً سلماً.
يقول ابن القيم رحمه الله «ولما كانت تلك الأسماء قوالب للمعاني دالة عليها، اقتضت الحكمة ان يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب وان لا يكون المعنى معها بمنزلة الاجنبي المحض، فان الحكمة تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه بل للاسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثير على اسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة. كما قيل:
وقل ان ابصرت عيناك ذو لقب
الا ومعناه ان فكرت في لقبه |
وكان يكره الامكنة المنكرة الاسماء، ويكره العبور فيها كما مر بين جبلين فسأل عن اسمهما، فقالوا: فاضح ومخزي، فعدل عنهما..
وقد كان اياس بن معاوية وغيره يرى الشخص فيقول: ينبغي ان يكون اسمه كيت وكيت فلا يكاد يخطئ.. لما للاسماء من ارتباط وتناسب بالمسميات.
سأل عمر رضي الله عنه رجلاً عن اسمه فقال جمرة فقال ما اسم ابيك؟ فقال شهاب قال فمنزلك قال: بحرة النار. قال فأين مسكنك قال بذات لظى قال: اذهب فقد احترق مسكنك. قال فذهب فوجد الامر كذلك. وامر امته صلى الله عليه وسلم بتحسين اسمائهم واخبر انهم يدعون بها يوم القيامة ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة واسمها يثرب، سماها طيبة لما زال عنها معنى التثريب..» انتهى كلامه رحمه الله.
فليس لي بعد هذا الكلام الرائع البديع من تعليق.. فرحمك الله يا ابن القيم واسكنك فسيح جناته.. وبالله التوفيق وعليه التكتلان.
محمد البداح/الزلفي |