الله... ما أجملها من لحظات عندما يخلو بها الإنسان مع ربه يناجيه ويطلب رحمته وعفوه وكرمه، لحظات لا تصفها الكلمات ولا تصفها دواوين الشعر، فقط تصفها الدموع والتذلل والخضوع امام ملك الملوك وقاهر الجبابرة والطواغيت فيصبح الانسان امامه فقيراً ذليلاً يرفع أكفَّ الضراعة طالبا غناه عن غنى البشر الزائل.
فمهما اغتنيتُ يا ربي بمالي وكثرته أكون فقيرة امامك عند إخراج الزكاة واخراج الصدقات، فقيرة لا أعلم هل انت تقبلها مني وتثقّل بها ميزان حسناتي ام تردها ويخفّ ميزاني فأخسر حياتي؟ فيا رب اغنني برضاك وبقبول عملي الذي اخرجته لوجهك. ومهما اغتنيت أيضاً يا ربي بسلامة الجسد وصحته وقوته أكون فقيرة امامك عندما يصيبني مرض يُلزمني الفراش ويهدُّ قوتي واكون عاجزة عن فعل الطاعات فإنني ارجع الى خالقي ادعوه ان يغنيني بشفائه وبرحمته وحنانه.
ومهما اغتنيتُ بوجود امي وأبي حولي وكثرة الاصحاب والمحبّين لي فإنني أكون فقيرة لخالقي عندما تحاصرني مصائب الدهر فهنا ادعوه ان يغنيني بفرج من عنده لانه هو سبحانه القادر على حل هذه المصائب عن عبده.
ومهما اغتنيت بوجود القلم بيدي وقدرتي على الكتابة فإنني اكون فقيرة عندما يجتاح فكري شيء من الخمول والانانية، فهنا ادعوه ان يغنيني بحمايته لي من الوسواس الخناس الذي يوقعني بالإثم والحسد ويجعلني أحبط اعمالي كلها.
وأخيراً يا ربي ادعوك دعاء الخائفين التائبين العابدين، ادعوك ان تغنيني بالجنة عن النار، وتغنيني بالاهم وهو رؤية وجهك العظيم، وان تغنيني بحسن الخاتمة أنا ووالديّ والمسلمين اجمعين، وادعوك يا ربي أن تغنيني بأخذ كتابي باليمين، وان تغنيني بالمرور على صراطك المستقيم بسلام وأمان منك، وأغنني يا ربي وأغن المسلمين بحماية هذا الدين وحماية بيتك العظيم. فيا ربي يا من عنت الوجوه له ويا من انقدنا له، طائعين، وبوحدانيته مقرين، اغننا برضاك عن رضى غيرك، وبرحمتك عن رحمة غيرك، وبرزقك عن رزق عبيدك وبجودك وكرمك وعفوك يا ملك الملوك ويا جامع الناس ليوم تقتص به من جحودهم لنعمتك، أدم علينا يا ربي نعمتك وغناك واجعلنا يا ربي ممن يرث الارض يوم لقائك الكريم.
| 
