اللغة بوجه عام هي الأداة التي يتخاطب بها الناس فيما بينهم، وتختلف هذه اللغات بحسب التوزيع الجغرافي والسكاني للكرة الأرضية، وقد يكون في بعض البلاد الواحدة أكثر من لغة متداولة نتيجة وجود عدة حضارات غير مترابطة فيما بينها.
واللغة هي وعاء الفكر والطريق الى نجاح التواصل الإنساني بين الشعوب في مختلف اماكن تواجدهم فمن خلالها تنقل الأمم تجاربها وعلومها وخبراتها الى غيرها من البشر في بقاع الدنيا شتى، ونحن العرب ولله الحمد قد شرفنا المولى عز وجل بأن أنزل كتابه الكريم الذي يعتبر آخر الكتب السماوية ورسوله الأمين الذي يعد آخر الأنبياء والمرسلين بلغة العرب وبلسان أهل الضاد.
وهذا التشريف العزيز يجعلنا أكثر مسئولية بأن نلزم انفسنا بتعلم أبجدياتها والخوض في غمارها ومحاولة جلعها هي لغة التدوال اليومي في خضم حياتنا اليومية وكذلك في مخاطباتنا في العمل والشارع ومع الأبناء.
ولعل أكثر الناس إلزاماً باستخدامها في عملهم هم معاشر المعلمين والمعلمات الذين يفترض عليهم تنشئة الأجيال منذ نعومة أظافرهم على حبها وتعلمها والنطق بها وكذلك التعود على مفرداتها السهلة البسيطة التي تتميز بتقويم اللسان مع الاعوجاج وتعلمه في التخاطب الجيد والإلقاء المتمكن والتعبير عما يخالجه في نفسه.
وهذه اللغة التي أتحدث عنها ليست «العامية» التي تشعبت واختلطت بها بعض الكلمات الدخيلة حتى أضحت تختلف من منطقة لاخرى وانما أقصد بها تلك اللغة العربية الصحيحة بمفرداتها وقواعدها اللفظية، واهتمامنا بلغتنا يجب أن ينبع من الاهتمام بأمور الدين لأن فهم تعاليم الإسلام وأداء شعائره الدينية بل حتى تلاوة القرآن الكريم لا ئتم إلا باستخدامنا للغتنا العربية الأم.
كما أنه يجب علينا ومن منطلق المحافظة على لغة القرآن الكريم أن نعود أبناءنا وفلذات أكبادنا منذ صغرهم على التخاطب بهذه اللغة الواضحة السلسة وذلك حتى لا يقعوا في الكبر بأخطاء لغوية فادحة قد تشوه جمال تلك اللغة، وليحملوا أيضا على عاتقهم المحافظة عليها وتوريثها سليمة للأجيال القادمة.
وارتباط التحدث باللغة مرهون جداً بصحة كتابتها ومتى سمع الطفل مخارج الحروف واضحة كانت كتابته صحيحة وكذلك العكس لأن الموضوع مراتبط ببعضه كالتوأم السيامي الذي ولد ملتصقاً، ولذا فإنه من الضروري وضع استراتيجية شاملة وطويلة المدى للمحافظة على لغة القرآن الكريم وإلزام الطالب والمعلم بالتحدث بها داخل الفصل وان تقام الدورات المكثفة للمعلمين في هذا المجال لتعليمهم قواعد النحو والبلاغة والنقد، وأن تمنع تلك الأسماء الغربية التي تكتب على لوحات محلاتنا التجارية ويتعاطاها كل يوم الصغير والكبير حتى تبدأ ترسخ في ذاكرتهم، وأن يتم تعريف شرائح المجتمع كافة بماهية هذه اللغة ومميزاتها وسهولة التخاطب بها في العمل والحي والمنزل، وذلك حتى لانكون سبباً مباشراً في فقدان لغتنا العربية لأصالتها وجوهرها الراسخ وقواعدها الخالدة.
|