يغفل بعض الناس عن أهمية ان يدعو لنفسه أو أن يدعو له الآخرون وكذا يغفل آخرون عن خطورة ان يدعو عليه آخر. وقد أطلق بعض السلف على الدعاء اسم (سهام الليل) لما له من تأثير ملحوظ في جلب الخير ودفع الشر والانتصار للمظلوم بإذن الله والشواهد على ذلك كثيرة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: (الدعاء مخ العبادة) أو (الدعاء هو العبادة) وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل معاذاً لما بعثه الى اليمن فقال له: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
وفي حديث آخر يخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويقول: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أننا أقرب ما نكون من ربنا حينما نكون سجوداً وأمرنا أن نكثر الدعاء حينها فإنه قمن أن يستجاب لنا أي قريب أن يستجاب لنا لما نحن عليه من هيئة في حال السجود من كمال التذلل لله.
لكن من الجدير بالذكر الجمع بين النصوص في هذا الجانب فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن هناك مانعاً رئيساً من استجابة الدعاء الا وهو اكل الحرام كما جاء في حديث قصة الرجل الأشعث الأغبر الذي مدّ يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فيقول النبي صلى الله عليه وسلم (فأنى يستجاب لذلك؟) أي بعيد ومستحيل أن يستجاب له وحاله ما ذكر. وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما طلب منه أن يدعو الله له أن يكون مستجاب الدعوة بأن قال له (يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة) وقصة سعد مع الرجل الذي تزعم الفتنة ضده معروفة حيث دعا عليه سعد بأن يطيل الله عمره ويريه الفتن، فاستجيبت دعوة سعد كما طلب بالضبط.
وإني عبر هذا المقال لأدعو الجميع الى الحذر من التعرض لأسباب دعاء الآخرين عليهم أياً كانت الأسباب فكما قيل:
|
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم |
وفي المقابل في الجانب الإيجابي ادعو الجميع للاحسان بغية أن يخصهم من أحسنوا اليهم بدعاء عن ظهر الغيب يؤمن عليه الملك فيستجاب بإذن الله، فينال بسببه خيراً كثيرا، أو يُدفع عنه شر ربما لو أصابه لنغص عليه حياته. هنيئاً لمن ذكره الناس بخير حياً أو ميتاً ودعوا له بظهر الغيب، ويا خيبة من دعا عليه الناس لظلمه وجبروته.
| 
