* الرياض - خالد العبلان:
تحتفل المملكة اليوم الخميس ضمن منظومة الدول العربية باليوم العربي لمحو الأمية، وتسعى المملكة من واقع اهتمامها بهذا الجانب الى الرفع من كفاءة المجتمع بمحو الأمية وتعليم الكبار وتوليه عناية خاصة، فمنذ ما يزيد عن اربعين عاماً صدر نظام لمحو الأمية وتعليم الكبار من أعلى سلطة في الدولة، وهو مجلس الوزراء وصدر به مرسوم ملكي فأصبح تعليم الكبار احد الجوانب التعليمية المهمة التي ترعاها الدولة، ويهدف هذا النظام الذي صدر عام 1392هـ الموافق 1972م الى محو الأمية بين جميع المواطنين بالمملكة بمختلف فئاتهم وإعداد المواطن الصالح المستنير ليتمكن من افادة نفسه والاسهام في النهوض بمجتمعه.
كما تقوم وزارة التربية والتعليم ممثلة بالأمانة العامة لتعليم الكبار سنوياً بمسح ميداني لأماكن تجمع الأميين وتحديد الاحتياج من مراكز محو الأمية وتعليم الكبار وتفتح لهم المراكز حيث بمجرد ان يتوفر خمسة أميين في أي مكان يفتح لهم مركز تعليمي بمدير ومعلمين وتوفر الاحتياجات التعليمية مجاناً ويصرف مكافآت تحفيزية للأميين الذين أكملوا برنامج محو الأمية حيث يصرف لكل واحد منهم الف ريال سعودي كما ان لدي وزارة التربية والتعليم خطة وبرامج للوصول الى الأمي الذي لا يرغب بالحضور الى المراكز حيث تقام الحملات التوعوية لفئة من المجتمع تعيش بالبادية او الأماكن النائية، ويطغى على حياتهم عدم الاستقرار يقدم لهم فيها برامج تعليمية ودينية وثقافية واجتماعية وصحية واقتصادية ويقدم لهم اعانات مادية وعينية للمساهمة في ربط هذه الفئة بالمجتمع.
وتقوم الجهات المعنية بتعليم الكبار ومحو الامية بجهود مضنية في مجال تعبئة الموارد ومجالات الانفاق من خلال المحاولات الجادة في رفع مساهمة الدولة في الانفاق على تعليم الكبار بإثبات جدوى ذلك حيث استطاعت رفع هذه المساهمة من 160 مليون ريال في الأعوام من 1998 الى 2001 الى 190 مليون ريال هذا العام مما سوف يسهم كثيراً في دفع عجلة العمل وتطوير البرامج والتوسع فيها، كما تسهم الإدارة العامة للبحوث التربوية بدعم البحوث والدراسات في مجال محو الأمية وتعليم الكبار واعتمدت في عام 2003م مبلغ «227000» ريال لتمويل بحث حول استراتيجية ما بعد محو الأمية، هذا وقد تكللت تلك الجهود والمساهمة من الدولة في خفض نسبة الأمية وسد منابعها ولهذا فقد انحسرت الأمية بشكل كبير وبالذات في الفئات العمرية المستهدفة من 10 - 45 سنة.
كما تقوم الأمانة العامة لتعليم الكبار بوزارة التربية بدراسة بحثية عن واقع الأمية لتطوير العمل ميدانيا من هذه الدراسة عن اهداف التعليم الليلي المتوسط والثانوي ومشروع خطة لمحو ما تبقى من الأمية، إلا بجدية واقع مراكز محو الأمية بمدينة الرياض ودراسة مشروع اقتراح انشاء «جمعية سعودية لتعليم الكبار» ووضع التصور لها دراسة لتفعيل برامج الحملات الصيفية ومشروع التمهين في تعليم الكبار بحث حول الكتب والمقررات في مراكز محو الأمية تحديد أسس ومعايير اختبار معلك الكبار ومعالجة ما تبقى من جيوب الأمية وتعزيز دور التطوع في مجال تعليم الكبار وايجاد عوامل جذب وتحفيز الأميين للالتحاق بمراكز تعليم الكبار وضع الأمية من خلال الاحصائيات الرسمية والفئات العمرية وتحديد نسبة الأميين من خلال الفئات العمرية، حصر برامج تعليم الكبار والتعليم المستمر بالمملكة، دراسة نماذج من نظم تعليم الكبار في الدول المتقدمة، تحديد منابع الأمية بالمملكة وكيفية معالجتها، تجديد نظام تعليم الكبار بالمملكة لمواكبة المتغيرات والمستجدات في هذا المجال.
وللوقوف على واقع تعليم الكبار ومراكز محو الأمية قامت «الجزيرة» بزيارة ميدانية لبعض المراكز والالتقاء بالمعلمين والمثقفين بها لمعرفة المزيد من الجهود التي تبذلها الدولة بهذا المجال حيث تحدث في البداية الأستاذ عجلان صالح الصايل «مشرف تربوي لتعليم الكبار بإدارة تعليم الرياض» فقال: كان لي شرف العمل في هذا المجال من أربع سنوات وقد قمت خلال هذه المدة بملاحظة التطور الكبير في برامج مراكز محو الأمية التي كان لها انعكاسات جيدة على تعليم الملتحقين بها وتحفيزهم على المسارعة بالالتحاق بهذه المراكز. وعن أهم العوامل في عملية تعليم الكبار قال: إن اختيار المعلم المتميز الذي تنطبق عليه شروط معلم الكبار في اللائحة التنظيمية الذي لديه دورات تدريبية في مجالات محو الأمية يعد من أهم العوامل في هذا المجال.
من جهته يقول محمد بن عبدالله العميل «مدير مركز الشهداء لتعليم الكبار» ان هذه المراكز لها دور كبير في تنمية المجتمع ورفع المخزون الثقافي للمواطن من خلال جهد عظيم وجبار لا يحيط به إلا الذي يعمل بالميدان. وأضاف: قضيت قرابة الخمسة عشر عاماً في مجال تعليم الكبار وأعتبر نفسي شاهداً على الدعم والبذل الذي تقدمه الدولة في سبيل القضاء على الأمية ومحاربة الجهل في أبنائها المواطنين الذين لم تساعدهم ظروفهم الاجتماعية في بداية عمرهم بالتعلم والالتحاق بالمدارس.
وأكد ان الاقبال على هذه المراكز كبير جداً، وذلك بفضل جهود الوزارة وخططها الهادفة في هذا المجال حيث جندت كافة الطاقات لتحقيق النجاح بأسرع وقت.
ويقول الأستاذ ماجد محمد الموسى: الحالة النفسية والذهنية للطلاب بمراكز التعليم الكبار جيدة وتنم عن رغبة جادة وجامحة للتعلم والاستفادة من هذه المراكز ويضيف: على الرغم من صعوبة التكيف مع المعلومة التي يتلقونها لكبر سنهم إلا ان المعلم يشعر برغبتهم الصادقة بالتعلم مما يسهل عليه تجاوز هذه المرحلة بمدة وجيزة، بالاضافة الى ان الاقبال على هذه المراكز بإرادة من الطالب تخلق لديه حالة تأهيل نفسي وذهني ذاتي تساعده على النجاح وتحقيق هدف الالتحاق بالمراكز.
كما تحدث عدد من كبار السن الذين يدرسون في مركز الشهداء لتعليم الكبار فيقول فنسيان السبيعي: سارعت بالالتحاق عند سماعي بهذه المراكز، وعلى الرغم من كبر سني، إلا انني لدي الرغبة بالتعلم حسب الفرصة التي تسمح بها ظروفي حتى انه لدي تحد مع الصغار من أولادي الذين يعتبرونني زميلاً لهم بالدراسة.
ويقول عبدالله بن عبود القحطاني وهو عسكري ويدرس في سنة أولى كبار: أملي كبير في تحقيق طموحي من خلال هذه المراكز مقدماً شكره للدولة على الجهود التي تبذلها في هذا المجال بفتح الفرصة للذين لم يساعدهم الحظ بإكمال تعليمهم بأول عمرهم.
ويقول عبدالله سعود العتيبي لدي رغبة جادة في نيل الشهادة العليا من مقاعد هذه المراكز.
كما يقول بدر حسين العنزي «يدرس بالسنة الثالثة»: النظام في هذه المراكز مناسب جداً لمن هو في مثل عمري، حيث وجدت الفرصة المناسبة لإكمال تعليمي وتعويض ما فاتني في بداية عمري من فرص التعلم.
ويقول ناصر عبيد الدوسري: إن مثل هذه الامكانات بالتعليم والمرونة في نظام الدراسة تدفع الذي يعرف عنها من غير المتعلمين بالالتحاق بهذه المراكز والاستفادة، وانا في الحقيقة قد سمعت عنها من الاصدقاء وحرصت على الالتحاق بها. ويعتبر جمعة مفضي العنزي حسب كلام مدير المركز - من أميز الطلاب بالمراكز وهو موظف بالقطاع الخاص، حيث على الرغم من صعوبة التوفيق بين العمل والدراسة، إلا ان النظام في هذه المراكز شجعني على التسجيل بها والاستفادة منها وبفضل دعم المعلمين استطعت ان أسجل تفوقا واحقق النجاح المطلوب ولدي الرغبة بمواصلة الدراسة ونيل الشهادات العليا.
ويقول خالد محمد العنزي: التحقت بهذه المراكز حتى أعرف القراءة والكتابة لان الجهل بالتعليم ظلم الإنسان لنفسه في هذا الزمن الذي الجاهل لا مكان له فيه «كما قال».
وأثناء جولتنا وجدنا من بين الدارسين بمركز تعليم الكبار بالشهداء طالبا من كبار غير سعودي من دولة الصومال «علي حاشي عثمان» يعمل في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني وكهربائي.
قال: عندما سمعت عن هذه المراكز - وأنا لدي الرغبة في تعلم اللغة العربية - بادرت الى التسجيل بها ووجدت الاهتمام من الرعاية من المعلمين الذين قدموا لي المساعدة الخاصة لتعلم اللغة العربية تحدثا وكتابة وساعدوني على تجاوز مرحلة البداية وانني بالواقع أهنئ الشعب السعودي بالرعاية التي يجدونها من الدولة بإنشاء مثل هذه المراكز.
وبهذه المناسبة كان ل«الجزيرة» هذا اللقاء مع الأمين العام لتعليم الكبار بوزارة التربية والتعليم الأستاذ محمد سليمان المهنا لنتعرف على جهود الدولة في هذا المجال.
مشاريع وبرامج
* ما هي المشروعات والبرامج التي تنفذها الوزارة في مناطق المملكة في مجال تعليم الكبار ومحو الأمية؟
- المشروعات والبرامج التي تنفذ هي وزارة بلا أمية والأمن العام بلا أمية ومشروع المدينة المنورة بلا أمية بالاضافة الى وزارة الشؤون الإسلامية بلا أمية بالاضافة الى الحملات الصيفية للتوعية ومحو الأمية التي تقيمها الأمانة في بداية كل صيف في الاماكن التي يصعب فيها إقامة مراكز محو أمية منتظمة.
* كم عدد مراكز محو الأمية بالمملكة؟
- عدد مراكز محو الأمية بالمملكة 1164 مركزاً تحتوي على 2076 فصل دراسي يدرس بها 23217 دارس.
* هل جهودكم في هذا المجال تشمل المواطنين من الرجال والنساء؟
- حقيقة ان الدولة -رعاها الله- تولي برامج القضاء على الأمية اهتماما خاصا ودعما كبيراً عند الرجال والنساء من المواطنين بشكل متواز كما نص على ذلك نظام الحكم إلا انه وبسبب خصوصية المرأة بالمجتمع السعودي فإن هناك برامج خاصة بالمرأة وهي مراكز محو الأمية بالمرحلة المتوسطة والثانوية ومراكز الخدمة الاجتماعية.
* ما مدى تعاون القطاعات الحكومية الأخرى مع وزارة التربية والتعليم في هذا المجال تحديداً؟
- تعاون القطاعات الحكومية معنا قائم وبشكل جيد وينطلق من خلال اللجنة العليا لمحو الأمية وتعليم الكبار التي تتكون من عضوية العديد من القطاعات الحكومية المختلفة مثل وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الثقافة والإعلام.
جهود شاملة
* هل تحدثنا عن مشروع المدينة المنورة بلا أمية بحكم انه الأول من نوعه من حيث تطبيقه في هذه الصيغة الشاملة لجميع نواحي الحياة؟
- يعد مشروع المدينة المنورة هو احد أهم مشاريع الأمانة العامة لتعليم الكبار في جهودها الشاملة لمحو الأمية وتقوم الفكرة عن اختيار المنطقة واعلانها خالية من الأمية على ألا يقتصر الجهد على محو الأمية الابجدي وانما يصاحبه محو أمية حضاري يشتمل على برامج ثقافية واجتماعية وصحية وبيئية وقد تم اختبار المدينة المنورة لتكون انطلاقة هذا المشروع كما كانت انطلاقة الدعوة الى الدخول بالإسلام والرسالة المحمدية الذي كانت رحمة للناس اجمعين.
* كم تقدر نسبة الأمية بين سكان المملكة من الجنسين؟
- بلغت نسبة الأمية بين الذكور من السكان 47 ،7% وبين الاناث 85 ،22% ونسبة الأمية بين السعوديين بشكل عام بلغت 17 ،15%.
تجاهل
* هل تسندون للقطاع الخاص مهام معينة للمساهمة في هذا المجال.. وما مدى تعاونه وتفاعله معكم نحو ذلك خاصة وانه في الدول المتقدمة تعاون من هذا النوع؟
- حقيقة ان القطاع بمختلف مجالاته يتجاهل نداءاتنا في هذا الشأن وبشكل كأن القضية لا تعنيه وليس هناك أي مسؤولية تقع على كاهله نحو المساهمة في تنمية المجتمع الذي يستفيد منه حيث سبق ان خاطبنا العديد من الشركات والمؤسسات الأهلية إلا انه لم يكن هناك تجاوب واننا من هذا المنبر الإعلامي أجدد النداء واطالب المواطنين الغيورين من رجال الأعمال بالقطاع الخاص دعم برامج الدولة في محاربة الأمية لأن الفائدة عائدة على الجميع.
* هل هناك مناطق يمكن ان يقال عنها انها خالية من الأمية وما هي تلك المناطق؟
- هناك خطة لإعلان مناطق محددة خالية من الأمية بالعام القادم وسيبدأ تنفيذها بمنطقة المدينة المنورة وسيليها مناطق أخرى، كما ان لدى الأمانة خطة لاعلان قطاعات الدولة خالية من الأمية وسيكون هذا في نهاية العام الدراسي الحالي.
|