هل من حق الزوج ان يختفي لساعات طويلة او قصيرة دون أن تعلم عنه زوجته؟! وهل من حق الزوجة ان تسأله اين كنت؟ ام أن هذا يعتبر تدخلاً في شئونه الشخصية؟ وما هو الحد الفاصل بين ما يحق للزوجة أن تسأل عنه ومالا يحق لها السؤال عنه؟
اسئلة تقض المضاجع في بعض البيوت وتحتار امامها الزوجات ولا يجدن لها جواباً، ذلك لان بعض الازواج يعتقدون انهم احرار وان الزوجة عدو يتربص بهذه «الحرية»، ويحاول الانقضاض عليها، فيقيمون بينهم وبين زوجاتهم حاجزاً سميكاً من المعاملة الفظة، وتقطيب الجبين والعبوس المستمر مما يجعل الزوجة تتردد مائة مرة قبل ان تخاطب زوجها او تطرح عليها سؤالاً. ويعتقد هؤلاء الازواج ان هذا من مكملات الشخصية في التعامل مع الزوجة حتى لا تتجرأ عليه او تفاجئه بسؤال محرج لا يريد الاجابة عنه، وبالتالي فهو يفضل ان يكون غامضاً في كل شيء معها، فهي لا تعرف شيئاً عن اصدقائه ولا مواقع تجمعه معهم، وهي لا تعرف اين يذهب ويسهر ليلاً، ولا تعرف من يزور من الناس.
وباختصار هي لا تعرف اين يذهب في اي خروج يغادر فيه بيته بعد عودته من عمله الرسمي ولا تعرف متى يعود، واذا تكرم واتصل فهو لا يبلغ بمكان وجوده، واذا تجرأت وطلبت رقم الهاتف الثابت في المكان الذي هو فيه، يقول لها : اتصلي على الجوال!
هذا النوع من السلوك والتعامل مع الزوجة حتى ولو لم يكن وراءه ما يريب فإنه يزرع بذور الشك في قلب الزوجة، فالزوجة شريكة حياة وليست شريكة فراش فقط، وليس هناك ما ينتقص من شخصية الرجل السوي في ان يبلغ زوجته بأماكن وجوده وتحركه..
وليس في ابلاغه لها جرح لكرامته او حصار لحريته، فالحرية الشخصية لا تكتمل الا بمراعاة حقوق الآخرين، ومن حق زوجته وبيته عليه معرفة مكان وجوده اينما كان، وليس كافياً على الاطلاق ان يجعل الصلة بينه وبينهم الهاتف الجوال وحده وذلك لسببين اساسين:
اولهما: لو حدث له مكروه - وهو بشر معرض لكل شيء - لما استطاعوا الوصول اليه.. لو فقد هاتفه الجوال أو نسيه في مكان ما واتصلت به زوجته ولم يرد لتضاعف.. قلقها عليه وأحدث ذلك ربكةً في حياة الاسرة كلها.. لو تعرضت زوجته او احد اولاده لمكروه وليس معه هاتفه الجوال وهم لا يعلمون مكان وجوده لكان ذلك مأساة سيندم عليها العمر كله.
ثانيهما: ان معرفة الزوجة بموقع زوجها وحرصه على إبلاغها طواعيةً يدخل في قلب الزوجة الاطمئنان ويشعرها بحبه فإن لم يكن بينهما حب فليشعرها باحترامه لها كزوجة وام لاولاده واعترافه بها شريكةً لحياته وهو ملزم بذلك ما استمر بينهما عقد النكاح.
وهذا لا يلغي حق الزوج في الاحتفاظ بأسرار في حياته شريطة ألا يكون الاحتفاظ بها خطراً على الاسرة او ضرراً عليها، فالزوج حر مالم يجر على حقوق شريكة حياته وفلذات كبده تصديقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».
اما اذا كانت الزوجة من النوع المتسلط والعنيف وتواجه زوجها بما يكره وتسأل عما يعنيها ومالا يعنيها او تكرر عليه الشك في سلوكه وتطالبه كل يوم بإظهار صكوك براءته، فإن موقف الزوج قد يكون عكسياً تماما فيكابر حرصاً على رجولته، ويعاند اذا ما احس برغبة منها في التسلط او الشك كسراً لشوكتها.
والزوج الحصيف هو الذي يحيط زوجته علماً بحركته دون ان تطلب منه ذلك فيريح ويرتاح ويكون صاحب فضل، والزوجة الذكية هي التي تعرف انها باللين والرقة والمراعاة واظهار المشاعر الجميلة تستطيع الحصول من الزوج السوي على كل ما تريد!!
|