شيء من الأمن لشعب العراق

تبدو الساحة العراقية مفتوحة أمام كل التوترات والتطورات الدموية، وما فيها من مشاكل يكفي لنسف أي استقرار، ولذلك فإن إضافة المزيد من المشاكل تعني دفع الأوضاع باتجاه الاستعصاء والانكفاء على التدمير والخراب.
وفي المقابل فإن إطلاق قبس من أمل هنا وهناك في هذا المحيط المعتم بالظلمة قد يشجع على تلمس سبل السلام والاستقرار، فأي حديث عن إنهاء الاحتلال أو إعلان خطط بذلك يدفع الكثير من الأمل إلى النفوس التي تتلهف إلى ذلك.
وعلى العكس من ذلك فإن تحدي مشاعر أهل البلد ومخاطبتهم بلغة التهديد والوعيد من قِبل المحتلين يعني أن علينا الانتظار طويلاً قبل التطرق إلى استقرار العراق وقبل أن يكون الحديث عن السلام مناسباً.
ويوم الاثنين الماضي قال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو كلاماً من هذا النوع الذي يشكل قدراً من الإحباط حيث صرح بأن القوات الأمريكية قد تبقى في العراق سنوات، ربما إلى عام 2006 أو 2007م.
هذه التصريحات كشفت أنه ربما توجد لدى قوات الحلفاء أجندة خفيَّة، لأن كلام سترو ينتهك مباشرة الاتفاق بين قوات الاحتلال ومجلس الحكم في نوفمبر الماضي والذي ينص على أن بقاء هذه القوات، بعد تسليم السلطة للعراقيين في شهر يونيو المقبل، أي بعد خمسة أشهر، مرهون بطلب الحكومة العراقية.
هذه التصريحات تواكبها في ذات الوقت أعمال استفزازية تقوم بها قوات الاحتلال وينتقدها حتى أعضاء مجلس الحكم الذي عَيَّنته الولايات المتحدة، فهناك انتقادات متزايدة على الصعيدين الرسمي «من قِبل مجلس الحكم» والشعبي لحملات دهم وتفتيش واعتقال متزايدة فيما يُعرف بمنطقة المثلث السني، وهناك حديث أكثر وأكثر عن أن الأمريكيين بدأوا في الآونة الأخيرة اقتحام المساجد حيث يُنسب لأحد أعضاء مجلس الحكم قوله بهذا الصدد: «إن الاقتراب من المساجد وانتهاك حرمتها قضية خطيرة في المجتمع العراقي المسلم».
هذه التطورات وبهذا الشكل المريع تحول القوات التي نقول إنها جاءت لمساعدة العراقيين، إلى كابوس يجثم على صدور أبناء هذا الشعب، وستعمل هذه الممارسات على تغذية حركة المقاومة القائمة بالفعل بكل ما يمكن أن يكتنف ذلك ويختلط به من جماعات تستغل الحالة القائمة لترتكب باسم المقاومة جرائم تجلب المزيد من الأضرار على الشعب العراقي.