* الرياض - وهيب الوهيبي:
شدد سماحة المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ على أهمية التفات العلماء والدعاة إلى الشباب واحتضانهم وإرشادهم لما فيه صلاح أنفسهم ومجتمعهم مشيراً إلى أن ابتعادهم سبب لانخداعهم بآراء المضللين ومن لا بصيرة عندهم وأكد سماحته على ضرورة ان يجتهد الداعية في الإعداد لمحاضراته وندواته وان يختار الأسلوب المناسب للمتلقين لتقبل دعوته والاستماع لها. جاء ذلك في كلمة سماحته التي ألقاها مساء أمس الأول في لقائه بالدعاة والعلماء المشاركين في محاضرات وندوات جامع الامام تركي بن عبد الله «الجامع الكبير» بمدينة الرياض.
وأكد سماحته في معرض كلمته أن كل مسلم يسمو ويتطلع أن يكون في عموم قوله تعالى: {وّالسَّابٌقٍونّ الأّوَّلٍونّ مٌنّ المٍهّاجٌرٌينّ وّالأّنصّارٌ وّالَّذٌينّ اتَّبّعٍوهٍم بٌإحًسّانُ رَّضٌيّ اللّهٍ عّنًهٍمً وّرّضٍوا عّنًهٍ وّأّعّدَّ لّهٍمً جّنَّاتُ تّجًرٌي تّحًتّهّا الأّنًهّارٍ خّالٌدٌينّ فٌيهّا أّبّدْا ذّلٌكّ الفّوًزٍ العّظٌيمٍ } ولكنها تحتاج إلى عمل وإقبال إلى الله وصدق مع الله في التعاون فمن رزقه الله اتباع السابقين وتبعهم بإحسان وتقوى وسلك سبيلهم محباً لهم وموالياً لهم ومترحماً عليهم وسائراً على طريقهم الذي هو كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإنه ينال برحمة الله هذا الوعد العظيم.
وأشار سماحته الى أن هذه الآية رحمة للمؤمن ولو كان بينه وبينهم القرون الطويلة لكن لا يزال المؤمن بخير ما دامت نفسه تتوق إلى الرعيل الأول وإلى التخلق بأخلاقهم والى السير بمنهاجهم وما دامت أمنيته كذلك فيرجى له بتوفيق الله ان يحقق له أمنيته ويلحقه بهم قال تعالى: {وّمّن يٍطٌعٌ اللّهّ وّالرَّسٍولّ فّأٍوًلّئٌكّّ مّعّ الذٌينّ أّنًعّمّ اللهٍ عّلّيًهٌم مٌَنّ النَّبٌيٌَينّ وّالصٌَدٌَيقٌينّ وّالشٍَهّدّاءٌ وّالصَّالٌحٌينّ وّحّسٍنّ أٍوًلّئٌكّ رّفٌيقْا} قيل ان أحد الصحابة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني لا أصبر على رؤيتك وكلما أتيت بيتي لا يقر لي قرار حتى أخرج فأراك ولكنني أتذكر مكانك في الجنة وعلو منزلتك فأين لي رؤيتك إذ ذاك.
فأنزل الله الآية {وّمّن يٍطٌعٌ اللّهّ وّالرَّسٍولّ فّأٍوًلّئٌكّّ مّعّ الذٌينّ أّنًعّمّ اللهٍ عّلّيًهٌم مٌَنّ النَّبٌيٌَينّ وّالصٌَدٌَيقٌينّ وّالشٍَهّدّاءٌ وّالصَّالٌحٌينّ وّحّسٍنّ أٍوًلّئٌكّ رّفٌيقْا}.
وأوضح سماحته في معرض كلمته أن المؤمن إذا تذكر هذه الآيات وتدبر معانيها وعلم أن وعد الله صدق وحق وان الله لا يخلف الميعاد علت همته وتطلع إلى ذلك الثواب العظيم وأعد لهذا عدته وعمل أعمالاً خالصة له يرجو أن يحقق الله بها أمنيته وان يريه الله ما وعده ويحقق له وعده والله لا يخلف الميعاد مؤكداً ان على كل مسلم أن يؤمل هذا الأمل وان يسعى الى هذه الامنية وأن يجد ويجتهد فمن سلك طريقهم نال المرتبة التي هم فيها وان تفاوت الناس في المراتب لكن على الأقل يكون ملحقاً بهم ومتأثراً بهم ومحشوراً معهم فعلى المسلم ان يسعى لذلك وأن يكون على يقين أن هذا وعد صادق فينظر طريق أولئك فيسلكه.
وأبان سماحة المفتي العام أن الدعوة إلى الله سبيل الأنبياء والمرسلين وخيار الله وصفوته من خلقه على علم وهدى من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى أن على الداعية ان يسير على طريق النبوة بالحكمة والموعظة الحسنة وعليه أن يختار الأسلوب المناسب لكل أمة فإن الله يقول : {وّمّا أّرًسّلًنّا مٌن رَّسٍولُ إلاَّ بٌلٌسّانٌ قّوًمٌهٌ لٌيٍبّيٌَنّ لّهٍمً} ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له إنك تأتي قوماً أهل كتاب قال العلماء: إنما قال له ذلك ليستعد للمناظرة والمجادلة لأن خطاب من عنده علم ليس كخطاب من لا علم عنده.
وأضاف سماحته قائلاً: ان الدعوة إلى الله شرف كل مسلم وعزه ورفعة له في الدنيا والآخرة وهي تحتاج إلى إخلاص العمل لله لا يريد بها عرضاً ولا جاهاً في الدنيا إنما يتقرب بها إلى الله وكما ان الدعوة إلى الله تحتاج إلى صبر وتحمل وعلم بحقيقة ما يدعو إليه.
وأكد سماحته ان ما يقام من محاضرات وندوات في جامع الإمام تركي بن عبد الله وهو يدخل عامه ال«36» لهي نعمة كبيرة من الله أن يسر هذا الخير من أيام حياة الشيخ محمد بن إبراهيم وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهما الله وكان لشيخنا عبد الرحمن الفريان نشاط عظيم في هذا المجال فهو يتابع مع الدعاة والمشايخ ويحثهم على المشاركة والحضور ولو كان مسافراً. وقال سماحة الشيخ ان مشاركة الدعاة والمشايخ بهذه المحاضرات والندوات دليل على بقاء الخير في النفوس مبيناً أن على الداعية الاهتمام بالمحاضرات والتحضير والاعداد الجيد لها بما يناسب المتلقين وان يرجع إلى أهل العلم فيما يشكل عليه لأن هذا الجامع يحضره العالم والعامي ومن ثقافات متنوعة.
وشدد سماحته ان على الدعاة تلمس مشاكل المجتمع والمشاركة في حلها واحتضان الشباب وارشادهم لكيلا ينخدعوا بآراء المضللين ومن لا بصيرة عندهم فإن العلماء إذا اعتنوا بهذه الندوات والمحاضرات العناية المطلوبة فبتوفيق الله سوف يستطيعون أن يخلصوا الشباب من هذه الأخطار الوافدة.
مشيراً إلى أن على الشباب ان يسمعوا من العلماء الكلمات والنصائح الطيبة لتكشف لهم الحقيقة وتوضح لهم السبيل وتبين لهم المنهج السليم في هذه البلاد التي هي بلاد الاسلام أنعم الله عليها بالأمن والايمان والقيادة المباركة التي نرجو من الله أن يأخذ بنواصيهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين وان يرزقهم الاعوان الناصحين المصلحين.
عقب ذلك دار حوار واسع مع سماحته والدعاة في تحديد موضوعات المحاضرات والندوات التي ستقام في الجامع العام المقبل حيث اشتملت على موضوعات دعوية واجتماعية وتربوية وقضايا الواقع المعاصر ثم تناول الجميع طعام العشاء على مائدة سماحته.
|