* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
شهدت السوق المصرية ارتفاعاً في أسعار حديد التسليح بنسبة تصل إلى 50% خلال الاشهر الماضية وهو ما أدى إلى ركود حاد في العقارات وأثر بصورة سلبية على قطاع المقاولات والتشييد وادى لارتفاع أسعار الوحدات السكنية على المستهلك.
يرجع بعض الخبراء اسباب الارتفاع المفاجىء إلى قيام بعض المنتجين بتخفيض انتاجهم بهدف زيادة الطلب على العرض لتستمر الزيادة في الأسعار وهم قلة تحتكر السوق وتحدد اسعاره في حين يرى البعض أن فرض رسوم اغراق على الحديد من تركيا واوكرانيا ورومانيا هو سبب الزيادة في الأسعار فما هي الحقيقة وراء ارتفاع الأسعار؟
أكد تقرير لاتحاد مقاولي البناء والتشييد أن أرباح شركات الاسكان والمقاولات والعقارات تراجعت بنحو نصف مليار دولار نتيجة لتحرير سعر الصرف والذي انعكس على ارتفاع الأسعار يقول سمير علام رئيس غرفة مواد البناء والتشييد باتحاد الصناعات أن ارتفاع أسعار الحديد كان له اثر كبير على سوق المقاولات و احدث ارتباكا شديدا في البناء خاصة أن نسبة حديد التسليح تصل إلى 10% من عملية البناء فاذا زاد السعر بنسبة 30% وهو ما يعني خفض هامش الربح بكل عقد مقاولة بنسبة 3% على هامش ربح عقود ومقاولات يتراوح مابين 5% و 10% وهو ما دفع بعض الشركات إلى القيام بتنفيذ بعض العمليات بدون أرباح للابقاء على الجهاز التنفيذي و أوضح أن ملاك المشروعات يتحملون هذه الزيادة على مستوى قطاع المقاولات ويتم تحميلها على المستهلك مما يتطلب الامر خطوات عملية لمواجهة هذا الارتفاع لما له من خطورة على قطاع المقاولات وتشريد الالاف من العمال.
صناعة اساسية
أوضح الدكتور حسين عمران رئيس قطاع البحوث الاقتصادية بوزارة التجارة الخارجية أن صناعة حديد التسليح من الصناعات الاساسية التي تقوم عليها عملية التنمية نظرا لماتمثله من اهمية في البنية الاساسية موضحا أن قطاع حديد التسليح شهد العديد من التطورات في الفترة الاخيرة نتيجة للقرارات الاقتصادية الهامة التي طالت القطاع في مقدمتها الخصخصة بمستوى الانتاجية والمنافسة محليا وخارجيا. ويضيف أن الاحصاءات تشير إلى زيادة حجم الانتاج المحلي من حديد التسليح خلال الفترة من 98 حتى 2002 بنسبة 121 ،8% وهو ما يرجع إلى زيادة الطاقة الانتاجية لدى قطاع الانتاج بالاضافة إلى اتجاه قيمة الانتاج إلى الارتفاع بزيادة قدرها 350 ،5% وهذا يرجع إلى زيادة حجم انتاج شركات قطاع الأعمال العام بمقدار 149 ،4% وزيادة حجم انتاج القطاع الخاص بنسبة 40 ،3% . وقد ارتفعت واردات مصر من حديد التسليح عام 99 بنسبة 21 ،4% ثم اخذ في التراجع عام 2001 في حين حققت الصادرات عام 2001 ارتفاعا بنسبة 5333 ،3 ولكنها تراجعت عام 2002 بنسبة 248 ،7%. اما الاستهلاك المحلي من حديد التسليح فارتفع بنسبة 86 ،3% نتيجة لزيادة الانتاج وتراجع الواردات والصادرات وهو يشير إلى أن انتاج حديد التسليح في مصر في زيادة مستمرة وأضاف أن نسبة الاعتماد على الاستيراد انخفضت مما يعكس قدرة الانتاج المحلي على تغطية احتياجات الاستهلاك 2002 وتشير الارقام إلى ارتفاع حجم مبيعات حديد التسليح في الربع الاول من العام الحالي حيث تزداد المبيعات بنسبة تصل إلى 1 ،6% إلى 19% في حين تنخفض المبيعات عند 100% باقي الاشهر وهو ما أثر على أسعار حديد التسليح، كما يرجع ذلك إلى عدم اقتصار الطلب على حديد التسليح على قطاع المقاولات بل هناك طلب اخر عليه طوال العام لاغراض المشروعات القومية الكبرى وهذا يعتبر احد اسباب ارتفاع اسعاره بالاضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق مما ادى إلى ارتفاع أسعار الحديد الخردة المستوردة والمادة الخام الاساسية البيليت.
وأكد مصدر مسئول بوزارة التجارة الخارجية أن سوق حديد التسليح في مصر يشهد حربا بين منتجي حديد التسليح ومقاولي البناء والتشييد بعد سلسلة الارتفاعات التي شهدها السعر فبعيدا عن تأثير سعر صرف الدولار استغلت الشركات المحلية المنتجة لحديد التسليح توقيع رسوم اغراق على الحديد المستورد ورفعت الأسعار موضحا أن زيادة أسعار الدولار لاتؤثر هذا التأثير الكبير الذي ارتفعت فيه الأسعار من 1180 للطن عام 2001 إلى 1700 جنيه في يونيه 2002 إلى 2100 جنيه للطن عام 2003 ، حيث تشير الاحصاءات إلى أن عدد المصانع المنتجة لحديد التسليح في مصر يصل إلى 19 مصنعا «قطاع خاص واستثمار» ويبلغ اجمالي الطاقات الانتاجية المتاحة 6 ،6 ملايين طن اما الانتاج الفعلي فلا يتجاوز 3 ،9 ملايين طن تأتي على رأسها شركة الاسكندرية الوطنية للحديد والصلب وشركة العز لصناعة حديد التسليح وشركة العز للصلب بانتاج فعلي 2 مليون طن يليها قائمة طويلة والمنتجون تتراوح طاقاتهم بالنسبة مابين 800 الف طن وحتى 500 الف طن اما مصانع قطاع الأعمال العام فتضم شركة الحديد الصلب والدلتا للصلب ورغم ذلك فمازال سعر طن حديد التسليح الذي يباع في مصر ارخص بكثير من غيره في دول اخرى فهو يباع ب 215 دولارا للطن في بنما ويباع في امريكا ب 300 دولار واوروبا 250 دولارا والسعودية 320 دولارا للطن رغم دخول خامات انتاجية معفاة من الجمارك.
ارتفاع الأسعار العالمية.
ويحدد علي حفظي رئيس غرفة الصناعات المعدنية الطاقات الانتاجية للمصانع بنحو 6 ،6 ملايين طن ونتيجة لظروف الأسواق تراجع الطلب في العام الماضي إلى 3 ،6 ملايين طن ومن المتوقع أن ينخفض العام الحالي ولا يعني هذا التراجع انخفاض الأسعار لان مصانع الصلب المحلية التي تعمل بشكل متكامل وتنتج البيليت وتعتمد على استيراد مابين 40% 50% من مستلزمات الانتاج مثل اقطاب الجرافيت والحراريات والخردة او المكوارات وغيرها ومع ارتفاع أسعار هذه الخامات عالميا اضافة إلى اعباء الدولار فلا بديل امام الشركات الا أن ترفع الأسعار موضحا أن الاستثمارات في صناعة الصلب ضخمة لذلك كان من الضروري على الشركات أن تزيد من اسعارها حتى لاتغلق ابوابها فإذا عدنا إلى الوراء نجد أن صناعة الصلب تمر بدورات عالمية تؤثر بشكل مباشر على الأسعار. وأوضح عيد حسان مدير عام غرفة الصناعات المعدنية أن جميع المعادن ارتفعت اسعارها عالميا وخاصة منتجات الحديد والصلب وحيث زادت جميع مستلزمات الانتاج التي يتم استيرادها من الخارج بنسبة 70% ومع ارتفاع سعر الدولار ارتفع سعر طن الخردة من 350 جنيها عام 2001 إلى 1180 جنيها للطن الواحد ووصل إلى 2100 جنيه للطن للعام الحالي وصل سعر المادة الاساسية البيليت من 750 جنيها عام 2002 إلى 1900 جنيه للطن العام الحالي.
ينفي عبدالرحمن فوزي رئيس جهاز مكافحة الدعم والاغراق بوزارة التجارة الخارجية أن رسوم الاغراق تكون وراء ارتفاع الأسعار موضحا انه تم فرضها على واردات الحديد من رومانيا واوكرانيا كانت في عام 1998 وعلى نفس الواردات من تركيا كانت في عام 99 ليس من المعقول أن يتم ارجاع اثر فرض هذه الرسوم إلى ارتفاع أسعار حديد التسليح بالسوق المصرية الان بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات كما أن هذه الدول الثلاث تدخل ضمن قائمة تضم 27 دولة تقوم بالاستيراد منها دون اي قيود كمية او رسوم اضافية او رسوم اغراق ولاتوجد اية قيود تحول دون الاستيراد من دول العالم خاصة أن هناك دولا تتمتع واراداتنا منها باعفاءات جمركية تصل إلى حد الاعفاء الكامل مثل ليبيا ودول اخرى عربية يصل حد الاعفاء بها إلى 50% في اطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية.
توازن الأسعار
ويشير إلى أن السوق مفتوحة للمنافسة العادلة مابين الانتاج المحلي الذي يبلغ عدد المصانع المنتجة فيه أكثر من 18 مصنعا بالاضافة إلى الواردات من جميع دول العالم وهو ما يكفل تحقيق انسب الأسعار للمستهلك وان المنافسة ستؤدي إلى توازن الأسعار المحلية مع العالمية لانه من الصعب أن تزداد الأسعار عن العالمية والا فلن نستطيع تصريف انتاجنا المحلي موضحا انه وفقا لآليات مكافحة الاغراق فإن هدف تطبيق هذه الاتفاقيات من فرض رسوم المكافحة بالاغراق ليس هو تحقيق الحماية للصناعة بالمفهوم السائد بمنع الواردات ولكن الهدف الاساسي هو تحقيق المنافسة السعرية العادلة بما يحقق في النهاية مصلحة المستهلك.
وطالب عبد الستار عشرة مستشار الغرفة التجارية بضرورة المتابعة من قبل الجهات المسئولة لدراسة ما اذا كانت الازمة حقيقية أم مصطنعة بمعنى أن يتم على المستوى القومي اعداد التخطيط والمتابعة للعرض والطلب القائم على السلع الرئيسية للنشاط والانتاج فاذا زاد الطلب على المعروض مسبقا وجب اعداد خطة عمل لسد الفجوة التي تحدث واما في ظل الازمةالمصطنعة كما هو الامر في أزمة الحديد الاخيرة فإن الامر يتطلب التأكد من أن هذه الازمة ما كان يجب أن تظهر لولا أن هناك مصالح شخصية لبعض الاطراف ذات المصلحة فاذا ما تم التأكد من ذلك فعلى أجهزة التخطيط أن تفصح بعدم وجود أزمة حقيقية وتطلب من أجهزة التحري البحث عن مستندات فعلية تؤكد تورط اصحاب المصلحة في احداث الازمة.
وأضاف أن ماحدث في سوق الحديد مؤخرا من ارتفاعات مفتعلة ومفاجئة يفرض علينا مراجعة الادوار التي تقوم بها الدولة في مراقبة الأسواق وضبطها فلا يمكن أن نترك بعض الاشخاص يحددون الاتجاهات وفقا لرؤيتهم الشخصية.
الأمير بندر بن سعود بن خالد
|