الإنجاز الطبي الأخير الذي تحقق للمملكة بشأن فصل التوأمتين السياميتين المصريتين (تاليا - وتالين) لا ينغبي أن نقف في قراءته عند حدود المنجز الطبي وتقدم التأهيل التقني والفني، بل يجب أن نعاود قراءته وما يماثله قراءة أخرى (وضخه كوسائل إعلام) باعتباره: رسالة محبة وسلام إلى العالم أجمع، فالبلد الذي يحتضن الطفولة ويتهلل فرحاً وعطاء لكل محتاج، لا يمكن أن يكون بؤرة لنشر الكراهية في العالم!! لهذا فإن الإنجاز الطبي بما رافقه من تحرك إعلامي من وسائلنا الإعلامية المحلية والعربية ينبغي أن يرافق بمحاولة تأسيس وعي جديد لدى الآخر لصورة ذات أبعاد فاعلة في التعبير عن المرحلة، وهي بذلك ستكون - كحدث دون الحاجة للغة المباشرة- شاهداً عميق الأثر على إيجابية المجتمع السعودي ومؤسساته وقيادته وتفاعلها الإنساني النبيل، أبلغ ألف ألف مرة من ألف خطبة عصماء نندد فيها بالإرهاب وننفي صلتنا به، وأبلغ من ألف مناظرة سياسية بكل أجندتها الخفية والظاهرة، وأكثر حسماً من أبرز الأنظمة المصرفية الحالية المسخّرة لكشف تحرك الأموال المشبوهة. لأنها وبكل تلقائية انتصار لكل القيم الإنسانية، التي يؤمن بها شعب بريء اُبتُليَ بتلفيقات الموتورين والمسعورين، الذين سعوا لتشويه الحقائق وعرقلة مسيرة التنمية، لأهداف لم تعد تخفى على أحد. إن المتلقي المحايد أيا كان انتماؤه أو لغته سيتلقفها كممارسة تخفف معاناة زهرتين يافعتين، وتدفع بهما إلى حياة أكثر إشراقاً واستقلالية، وتمسح الدمعة من عيني كل أم وأب، وهذا الإنجاز المبرَّأ من الظنون والأوهام، عقيدة في الحياة لا يعتنقها المجرمون وسافكو الدماء.
أؤكد لكم أننا على مشارف مرحلة تُصحَّحُ فيها الصورة، وتتكامل العناصر الغائبة من معادلة الحقيقة!! انتظروا قريباً وقريباً جداً تساؤلاً مشروعاً ينطلق من حناجر الشرفاء في العالم ليقول: «لو كان هذا البلد إرهابياً ما عرف هذه المعجزة الطبية وسابقاتها؟! لو كانت القلوب سوداً ما اتسعت لإشراقتي البراءة تاليا وتالين، لو كانت الأرصدة مجيرة لحماقات التطرف ونزعات التكفير ما وجدت الكوادر الخبيرة العالية التأهيل، ولا كانت المواقع العملاقة!!!».
أجل. إنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله... فهل نجيد قراءة هذه المنجزات؟! هل نقول بملء الفم والقلب: شكراً ولي العهد، شكراً سمو الأمير فقد قرأنا الدرس جيداً.
* كاتب وأكاديمي سعودي. الرياض 11673 ص.ب 93121 |