Wednesday 7th January,200411422العددالاربعاء 15 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الزمن الرابع الزمن الرابع
أحباب.. بلا نقد!!
تركي إبراهيم الماضي

يلوم المبدعون السعوديون النقاد في ابتعادهم عن الكتابة عن أعمالهم الأدبية ويطالب بعضهم بالكتابة عن اعمالهم حتى ولو من باب التذكير بالشيء!!
والسؤال: لماذا يفضِّل الناقد السعودي الابتعاد بقلمه عن الاعمال الادبية المحلية والتوجه نحو الاعمال العربية أو العالمية؟
سأدع الإجابة في نهاية المقالة وسأحكي لكم عن تجربة شخصية تفيد في هذا المجال، ففي العام الماضي كتبت مقالة من جزءين عن المفكر تركي الحمد طرحت فيها رأيي المتواضع حول بعض افكار د. الحمد، تفاجأت بعد نشر المقالة برسالة وصلتني من شخص ما يسألني فيها عن من أنا؟ حتى أناقش شخصاً عظيماً مثل د. تركي الحمد، اتصلت به وقلت له: هل قرأت في مقالتي شتما ل د. الحمد أو تقليلا من مكانته أو سخرية به؟ قال: لا، قلت له: إذن لماذا الغضب، قال: لأنك تجرأت بمناقشة د. الحمد وهذه سابقة؟ قلت له: فقط، قال لي: نعم، فقلت له: الحمدلله على نعمته وفضله، قال: ماذا تقصد؟ قلت: انني تجرأت وناقشته؟.. قال لي: أنت لا تفهم ما اقول، قلت له بسخرية: وأنت تقول ما لا يفهم ولا يعقل.
بعد ذلك تذكرت عندما كنت ادرس بقسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود كان د. تركي الحمد أستاذا للفكر السياسي، وكنا في القسم اساتذة وطلابا نتناقش في المحاضرات أو في مكاتب الاساتذة أو حتى في ممرات الكلية، كنا نتناقش معهم دون ان يحقر استاذا رأي تلميذه وان فعل بعضهم ذلك بل انني في احد المقررات الدراسية التي تتطلب تقديم مقالة قصيرة قدمت قراءة نقدية لكتاب صدر لأستاذ في القسم في ذلك الوقت وعلقت على ما قرأته في الكتاب دون ان اجعل امام ناظري ان من انقده هو استاذ وأنا مجرد تلميذ صغير، والنتيجة كانت ان اعجب بها استاذي وأشاد بها امام الطلاب وكانت سببا في نجاحي بهذا المقرر الدراسي بدرجة طيبة!!
أعود الى السؤال السابق، لأوضح ان احجام الناقد السعودي عن نقد الاعمال الادبية المحلية يعود الى مشكلة في وعي المتلقي سواء القارئ أو المبدع، فالكثير لديهم حساسية من النقد، حتى وان كان النقد صادقا، والذين يتابعون الصفحات الثقافية سيجدون العجب العجاب، فلو كتبت رأيك أو انطباعك عن كتاب ما سيتصدى لك بعضهم: «أنت رجل حاقد»، حتى ولو حاولت ان تقنعهم بأنك لا تعرف صاحب الكتاب ولم يسبق لك ان رأيته أو تحدثت معه من قبل ستأتيك الاتهامات الجاهزة: جاهل، حاسد، أحمق، ومن أنت حتى تكتب، إلخ.
ويجد الناقد السعودي نفسه مع هذا الوضع المعقد «متورطاً» دون ان يكون سببا في ذلك فيلجأ الى خيار سهل: الابتعاد عن الساحة الثقافية المحلية وكسب جميع الاطراف أو الكتابة عن بعض الاعمال المتميزة بطريقة خجولة دون ان تثير احدا، ولكنه رغم ذلك سيتهم بأنه غير شجاع أو غير مبال أو انه غير مهتم بالاعمال المحلية، أو ان هذه الاعمال لا ترقى الى مستوى كتابته النقدية، وبعض هذه الاتهامات صحيح، ولكن اذا اخذنا المنظور الشخصي لتفكير الناقد لوجدنا انه محق في ابتعاده عن ممارسة النقد على الاعمال المحلية الأدبية لأن ذلك سيجلب له المتاعب الشخصية والملاسنات على اعمدة الصحف التي لا يتجرأ عليها سوى من وهبه الله صبرا وسعة بال.
وقبل كل شيء يخطر في بالي ان سبب المشكلة كلها يقع في مدلول كلمة «نقد» فلو ارجعتها الى معناها في تراثنا الشفهي ستجد انها تعني شيئاً سلبياً، كأن يقول لك احدهم «فلان اليوم نقد عليك...» أي عابك في شيء ما، وهي كلمة ثقيلة على النفس تجعل صاحبها يضيق صدره بمن نقده ويكرهه كرهاً شديداً حتى وان كان صاحب النقد صادقاً في نقده ولكنها النفس البشرية التي تضيق بمن يعلمها اخطاءها وتفرح اشد الفرح بمن يهلل ويشيد بهذه الأخطاء!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved