الحديث عن الشيخ عبداللطيف بن حمد بن محمد النعيم حديث ذو شجون تعجز الكلمة عن وصفه بالقدر الذي يستحقه ويحتار القلم في التسطير عن مناقبه وما في جعبته من شتى أنواع الأدب وفنون المعرفة، والتأريخ لكثير من الوقائع، وفيه ينطبق قول الشاعر:
كل ما فيه جميل مبتهج
هو كالروضة طيباً ورواءً |
فهو إنسان إن وصفته فأصفه كما وصفه الأديب الشاعر الدكتور «بسيم عبدالعظيم» والأديب الشاعر «عبدالله بن ناصر العويد» إنه ذو عقلية خارقة وصاحب ثقافة مستنيرة متعدد المواهب إن قلنا عنه أديبا فهو أديب لأننا نجده في الأدب يصول ويجول يؤنس الجلساء بما يحفظ من قصائد عربية قديمة أو حديثة، وإن قلنا عنه راوية فهو راوية بحق لأنه يأتي بشتى أنواع الروايات الأدبية والقصصية الرائعة التي تجذب السامع بسلاسة ألفاظه وفصاحة لسانه وصدق عباراته وسلامة منطقه، وإن قلنا حكيما فهو بحق حكيم بما يملكه من خبرات الحكيم المجرب، لأنه إنسان مخضرم عايش الماضي القريب والحاضر الجديد فسجل لنا من أروع ذكرياته الشيء الكثير، وكل حديث يتحدث به لابد أن يأتي بحكمة بليغة أو مثل يتناسب مع مضمون كلامه، وكل حكمة يأتي بها يأتي بقصتها التي قيلت بشأنها ولا يكتفي بذلك بل يأتي بما يناسبها من أبيات شعرية نادرة.
وإن قلنا مؤرخاً فهو بحق ينطبق عليه هذا المعنى حيث يأتي بأخبار الماضي والحاضر تاريخياً وجغرافياً وذلك بفضل سعة اطلاعه وكثرة قراءاته وغزارة معلوماته، وكثرة تجاربه وأسفاره ومعرفته بما كانت عليه بلادنا في الماضي القريب وما شهدته مدننا من تطور واكب الركب العالمي وذلك بفضل حكومتنا الرشيدة التي جعلت من مملكتنا نبراساً في سماء العالم المستنير.
ولا يخلو حديثه من الطرافة الأدبية المحشوة بالأبيات الشعرية أو الأمثال العربية والشعبية، وإن وجد في مجلس فهو الفارس المميز بلا منازع، لأنه كالشمعة التي تضيء من حولها، وإن غاب عن المجلس تساءلوا عنه لأنهم دوماً في شوق إليه، وإذا حضر نجد البشاشة في وجوه الجميع وأصف ذلك ببيت من شعر إسماعيل صبري:
إني أرى كل وجهٍ بش مبتهجاً
كأنما الغيثُ وقتَ الجدب ينهمرُ! |
فتتجه حوله الأنظار، والكل يصغي، لأنه يتحفهم حيث كان ذات مرة في مجلسي وعندي عدد من زملاء العمل في إحدى أمسيات الإثنينية وإذا بالشيخ يتحدث عن أوضاع الأحساء والمنطقة الشرقية ومنطقة الرياض قبل حكم الملك عبدالعزيز وكيف كانت أشكال المباني والطرقات وأشكال أسواقها والنقود المتداولة آنذاك، وعرج بنا إلى ما كانت عليه مدن دول الخليج، وكيف تطورت تلك المناطق حتى مضى بنا الوقت دون أن نحس به، والكل معجب بقوة ذاكرته وسرعة بديهته وهو يحكي بالتفصيل مبيناً ذلك بتواريخ وقائعها.
وفي ذات مرة كنا في إحدى أمسيات الإثنينية وكنت أحكي قصة من حكمة الأجداد وحينما وصلت للأبيات الشعرية هممت أناولها للأخ عبدالله العويد لإلقائها، ففاجأنا الشيخ بإلقائها فأضحك الجميع، واكتفى ابن عويد بما قاله الشيخ عبداللطيف، وتكرر ذلك في إحدى المحاضرات حينما ألقى المحاضر نصاً يتعلق بالخليفة معاوية بن أبي سفيان وإذا بالشيخ يسبق المحاضر بإلقائها وألحقها ببعض الأبيات الشعرية بل سرد لنا قصصاً أخرى مما أذهل الحضور وهم معجبون بسعة اطلاعه وقوة ذاكرته وقدرته الخارقة على الحفظ، وإذا تحدث أحدهم عن ذكرياته في سفر أو رحلة يأتينا الشيخ بما يماثلها أو يفوقها من حكايات جميلة وممتعة.
فإن حكيت عن الشيخ عبداللطيف لن أجيد في التعبير بما يتناسب مع مقامه وتعدد مناقبه لأنني لن أوفيه حقه بل أعجز إذا أردت وصفه أو تعدد مواهبه وإبداعاته فهو أنيس المجالس وحبيب كل الناس يفيض حباً وكرماً بل ويستحق أن يضرب به المثل لتواضعه وحلمه وسعة باله وغزارة علمه، لا يمل من كلامه كل مستمع بل وينطبق عليه أن أصفه بأنه من ذوي الألباب الذين يأتون بكل معلومة وطرفة مفيدة وأحييه بأبيات من شعر الأديب «عبدالله بن ناصر العويد» عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية:
هنئوا أسرة النعيم النشامى
بكبير الرواة في الأحساءِ
ذاك عبداللطيف من بات يشدو
ببديع لأروع الشعراءِ
فانبرى في مجالس الفكر يحكي
راوياً للأموات والأحياء
غاية في فن التعامل رمز
ألمعي يحوم في الأجواء
يتحلى بالطيب أضحى شباباً
باسما للجميع ثرّ العطاء
هو أعجوبة وقاموس عصر
فسلوا عنه واحة العلماءِ
ووجيه له الثقافة دانت
بالروايات من فم النجباء
وعميد لأسرة من نعيم
هم نجوم مضيئة في السماء
يا أبا فيصل سألت حبيباً
عن حبيب من أنبغ الأدباء
خذ جواب العويد الآن شعرا
إذ يباهي به بكل احتفاء
فسلام في كل حين عليه
والتحايا نزفها بالصفاءِ |
محمد بن صالح النعيم
راعي إثنينية النعيم الثقافية بالأحساء |