* حوار- محمد الخضري:
برزت في أيامنا هذه طفرة جديدة للعقار تفوق ما شهده سوق العقار في بداية السبعينيات وفي زمن الطفرة، لكن الملاحظ في الطفرة الجديدة وفرة السيولة المادية لدى أصحاب المساهمات والمساهمين، إضافة إلى التنوع في هذه المساهمات سواء بأراض خالية أو بمنشآت قائمة، وهي أيضاً متنوعة في استخداماتها وأغراضها، بين مخططات سكنية أو مناطق صناعية أو مناطق سياحية ترفيهية أو مجمعات تجارية، وتتركز جل هذه المساهمات في المناطق والمدن الرئيسة مثل الرياض وجدة والدمام والمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة. بينما لا تشهد المناطق الأخرى نفس الإقبال والقبول لدى أصحاب المساهمات والمستثمرين، حتى المناطق السياحية - أبها والطائف والباحة لاتشهد هذا الإقبال ربما لموسمية النشاط في هذه المناطق عكس المناطق الأخرى التي تشهد حركة نمو عمراني متواصل على مدار العام.
وتستنزف هذه الاستثمارات رساميل ضخمة جداً، ويقدر بعض المختصين الاقتصاديين أن المتوسط العام لهذه المساهمات يتراوح بين المائتي مليون ريال فما فوق، حتى إن بعض المساهمات من شدة الجذب الترويجي لها حدد صاحبها، أو أصحابها السعر المبدئي للدخول في المزاد بحيث لا يقل عن 1500 ريال مما يعني تحديد نوعية وقدرة المضاربين أوالمساهمين في هذه المزادات.
ونتج عن هذا التوجه بروز شركات كثيرة تنفق أموالاً كثيرة للدعاية والإعلان لجذب المساهمين وتفننت شركة الدعاية والإعلان في اختيار أسماء جذابة وذات وقع رومانسي أنيق لهذه المساهمات جذباً للمستثمرين وهم كثر.
(الجزيرة) عبر هذا الحوار تطرح عدة تساؤلات ومحاور عن:
* المردود المباشر والفعلي لهذه المساهمات على الاقتصاد الوطني.
* هل تسهم هذه الأنشطة الاقتصادية في العمل على خلق وظائف جديدة للسعوديين؟
* هل ترون أهمية وضع ضوابط أو معايير لمنح التراخيص للمساهمات العقارية؟
* أكثر من 60% من إجمالي الحركة الاقتصادية تذهب في هذه الاستثمارات، دون تحقيق أي مردود يسهم في خفض الضغط على بعض الصعوبات التي يواجهها اقتصادنا؟
* كيف نوجد الفرص الاستثمارية المناسبة التي تستوعب هذه الرساميل وخلق مناخ استثماري ذي مردود اقتصادي للوطن وعائد مربح للمستثمر؟
* مدى حجم المخاطرة في هكذا نوع من الاستثمار؟
* هل تسهم هذه المساهمات في حل مشكلة السكن، وإيجاد السكن المناسب للمواطن؟
* الفرق بين الاستثمارات العقارية في الأراضي الفضاء والعقار القائم، وحجم التكلفة في الجانبين؟
وللإلمام بالموضوع من كافة جوانبه، استضفنا في هذا الحوار الاستاذ خالد سعود الشبيلي رجال الأعمال والعقاري المعروف لتسليط الضوء على هذه القضية بعيداً عن المساس بمصداقية أي طرف أو الدخول في متاهات حوارية عقيمة لا تؤدي إلى الغرض المنشود من هذا الطرح.
* لو أردنا أن نتحدث بشكل عام عن الاستثمار العقاري في المملكة، كيف تراه كخبير وكرجل معني بهذا الشأن؟
- لايوجد حالياً استثمار عقاري في المملكة، الذي يحصل الآن هو تقسيم الأراضي والاستثمار العقاري بالمفهوم الصحيح هو تقديم منشآت أو مجمعات سواء تجارية أو سكنية مكتملة.. ويكون هناك تعاون بين المستثمرين والبنوك في العملية النهائية لبيع هذا المنتج للأفراد، حالياً الحلقة مفقودة بين المستثمر وبين البنوك، البنوك في واد والمستثمر في وادٍ آخر.
* كيف؟
- في الدول الأخرى أو حتى في تجارب الدول النامية التي تعتبر نتائج اقتصادها متدنية نجد أن المستثمر هو من ينشئ هذه المجمعات أو هذه الأحياء. والبنك يقوم بالعملية النهائية بتمويل الأفراد من خلال نظام تمويلي وواضح ومدروس يحفظ حقوق الممول الذي هو البنك والمقترض والمستثمر، غياب هذه الدائرة لدينا في المملكة أدت إلى جعل المشاريع العقارية هي مشاريع تقسيم الأراضي.
* ما سبب غياب هذه الدائرة أو العلاقة بين هذه الأطراف؟
- أعتقد أن الغياب يأتي من فراغ في التشريع والتقنين الذي يفترض أن تبادر به مؤسسة النقد ووزارة العدل، لأن هذا الموضوع يمس أكبر شريحة من المواطنين، وكما تعلم أن موضوع السكن يشكل لدينا هاجسا كبيرا للشباب ولكافة شرائح المجتمع، فغياب التشريع واضح بين المُقرض الذي هو البنك وبين الموثّق، وهي وزارة العدل وبين المقترض أدت إلى تهرب كثير من البنوك من العملية، وحين تم إضافة هذه البنوك مؤخراً خدمات مصرفية متطابقة مع الشريعة الإسلامية بالاسم فقط، وليس بالفعل، وأصبحت هذه العمليات تحقق أرباحا كبيرة لهذه البنوك. وفي السابق كانت المخاطرة عالية بالنسبة للبنوك لعدم وجود الرابط بين الأطراف كناحية تنظيمية أدى إلى تخوف البنوك من الإقراض نظراً للنسبة العالية من المخاطرة، وحين توجهت هذه البنوك لتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية كما ذكرت لك أدت بهذه البنوك إلى طرح هذه القروض بفوائد عالية جداً تصل إلى ضعفي سعر الفائدة المعلنة، فالعملية أصبحت مربحة للبنوك، ولكنها قاصمة لظهور الشباب، فلذلك غياب هذه المنظومة أدت إلى عدم وجود مشاريع عقارية مكتملة، بإقامة أحياء منظمة مكتملة الخدمات لأن إقامتك لهذه الأحياء تعني أنك قمت بعمل منتج نهائي وهدفك هو المستهلك النهائي الذي هو صاحب السكن. لكن في الأراضي الأمر يختلف.. ففي الأراضي تتم العملية بتقسيم الأرض و90% من المشترين ليسوا مستفيدين نهائيين.. وما هم إلا مستثمرون في المرحلة الثانية لأنه يشتري الأرض مقابل تركها لفترة زمنية معينة قد تكون سنة أو سنتين أو ثلاثاً إلى أن يرتفع سعرها وتؤدي إلى عائد جيد.. في انتظار المستهلك النهائي الذي يرغب في السكن. لذلك تجد أن تسويق مخططات الأراضي أسهل.. لكن في المجمعات السكنية أو في الأحياء المتكاملة أوفي الوحدات السكنية أنت هنا تتعامل مع المستهلك النهائي مباشرة، فالمستهلك النهائي غير جاهز الآن لأنه صاحب دخل محدود وفي غياب منظومة التمويل والتوثيق بين الأطراف تؤدي بالمستهلك النهائي أن يكون ممولا ذاتيا 100% وهذا ربما لايتوفر لدى غالبية الشباب أو الراغبين في شراء مسكن وندرة من يكون لديه القدرة على دفع مليون أو خمسمائة ألف ريال من فئة الشباب الذين سميناهم المستهلك النهائي من أجل أن يمتلك سكنا. لذلك هذه هي نظرتي للتطوير.. فهو مازال تقسيما للأراضي فقط كما يحصل الآن.
* إذن هذه الإشكالية التي يواجهها الناس لأنهم ينظرون إلى الاستثمار في العقار بأن الأمر مجرد تقسيم أراضي فضاء وتقسيمها إلى مخططات، والإعلان في الصحف عن بدء المساهمة، وهكذا يقوم الناس بالمشاركة في هذه المساهمة.. بينما المستفيد من تسييل هذه المبالغ المستثمرون أصحاب المخططات، بينما المستثمر البسيط عليه أن ينتظر ربما سنوات ليجد العائد أو المردود لهذا الاستثمار، هل هذا هو الوضع؟
- لا.. لا.. هذه نظرة خاطئة.
* أرجو أن تصحح لي معلوماتي؟
- إذا أردت أن أتكلم عن النهج الذي نتبعه في مساهماتنا نحن نقوم بعملية بيع مبكر. في المساهمات التي تقوم بها أننا نطرح أملاكنا التي سبق أننا اشتريناها منذ فترات طويلة واستثمرنا فيها مبالغ كبيرة، وقمنا بخدمة المنطقة الموجودة فيها هذه الأراضي من خلال تهيئتها لتنفيذ هذا المخطط، وبعد أن تهيأ هذه الأرض وتعتمد مخططاتها وتكون جاهزة للمباشرة، نطرح جزءا منها للاكتتاب، وهذا نابع من رغبة في تقديم جزء من هذه الأرض بسعر مناسب للمكتتبين، وهو ما نعتبره بيعا مبكرا وليس مساهمة، في عرف الناس يسمونها مساهمة ولكن هي ليست مساهمة.. هي عملية بيع مبكر.
* إذن هناك فرق بين المساهمة والبيع المبكر؟
- نعم.. نحن نعتبر جميع ما نقوم به هو بيع مبكر ولا يوجد أي أحد يعمل بمثل هذه الآلية التي تعمل بها والأسلوب الذي تمارسه،لأن العادة في عرف المساهمات هو تجمع لشراء أراض، بمعنى أن تكون هناك على سبيل المثال أرض قيمتها 100 مليون ريال يجتمع عدد من الأشخاص لشراء هذه الأرض، وكل يدفع حسب قدرته وفي النهاية يقوم رئيس المساهمة بتطوير وتخطيط وتقسيم هذه الأرض بين المساهمين أو بيعها لأي طرف آخر، هذا يختلف عما نقوم به.. نحن نقوم بعملية البيع المبكر، وهذا لايسمى مساهمة.. وكوننا ندخل شريحة من الناس لامتلاك 30 أو 40% من هذا المخطط هي محاولة لتقديم هذا المنتج بسعر رخيص.. يعني بدل أن ننتظر إلى أن ينتهي تخطيط هذه الأرض كاملة وتنفيذنا لها على الطبيعة بسعر عالٍ.. ونقوم بإشراك شريحة من الناس ومنحناهم الفرصة ليمتلكوا هذه الأرض بسعر مناسب، فالأمر يختلف عما هو شائع في السوق.. لأن الهدف من هذه المساهمات الموجودة في السوق الآن هو تجميع أكبر مبلغ من المال لأخذ العمولة وانتهى الأمر.. ولكن ما هو مصير المشروع أو ماذا سيحل به وبالمساهمين.. الله أعلم..!!
* وماذا عن مصير صغار المستثمرين؟
- عليه أن ينتظر إلى أن تدور الدنيا.. ربما بعد عشر سنوات تكون هذه المنطقة أصبحت مرغوبة للسكن.
* هذا هو محور موضوعنا في هذا التحقيق، ودعنا نتحدث عما هو المردود الاقتصادي لمثل هذا النشاط سواء على المستثمرين الأفراد أو على الاقتصاد الوطني بشكل عام من هذه الدائرة؟
- المردود الاقتصادي ينقسم إلى قسمين، إذا كانت هذه الأحياء داخل المدن، وقابلة للاستفادة منها مباشرة إما في الجانب السكني أو الجانب الصناعي أو الجانب الترفيهي، فأنا أعتبر أن هذا جزء من الناتج القومي، والدولة حين تستثمر في إقامة البنية التحتية لأي منطقة، هذا في حد ذاته استثمار لأجل تهيئة أماكن مناسبة للسكن لأفراد المجتمع، الشيء نفسه يقوم به المستثمر.. هو أخذ منطقة ويهيئها ويطورها لتكون مهيأة وصالحة للسكن. وهذا يعتبر استثمارا فعالا ومنتجا، وهذا شيء جيد وفي صالح الوطن، أما إذا جئتني بمساهمات في الأوهام أو الصحاري، أو في الأحلام أو في أماكن غير قابلة للاستفادة حاليا على الإطلاق مثل المناطق خارج النطاق العمراني.. مع العلم أن النطاق العمراني للمدن مقسم إلى عدة مراحل.. لكنها غير قابلة للسكن حالياً، أو في أماكن تعتبر صحراء غير قابلة منطقيا للاستفادة منها.. أنا أعتقد أن هذا من أكبر الأخطاء وهذا أيضاً تجميد لرأس المال.
* من المسؤول عن هذا الخطأ.. أنتم العقاريون، أم البلديات، أم من؟
- هذه مجرد رغبات للناس.. هناك أناس لديهم مدخرات وعندهم استعداد لانتظار عائد هذه المدخرات.. وعلى سبيل المثال يعرض علي أحياناً أراض في الصحراء، وأقول لايمنع أن استثمر فيها 50 أو 20 مليون.. لكني أضع في اعتباري أني لن أستفيد من هذه الأراضي قبل خمس عشرة سنة.. الشيء نفسه ينعكس على المساهمين، لأن المساهم يتخذ قراره بناء على رغبته الشخصية.. إذن الموضوع ليس موضوع قانون تسنه البلدية أو أي جهة أخرى. واليوم الناس تعرف وتميز وتعرف خياراتها.. لكن الأمر يجب أن يكون فيه وضوح وشفافية بأن يوضح للمستثمرين بأن الاستثمار في هذه الأراضي قد يستغرق عشر سنوات.. ومتى ما أوضحت هذه النقطة بكل الوضوح للناس فلا أرى بأسا في هذا نهائياً طالما أنت قادر على الاستثمار، ولديك العلم بأنك ستنتظر لمدة عشر سنوات أو أكثر.. خلاص.. إذن القرار قرارك أنت.
* هناك من يقول: إن أكثر من 60% من حركة السيولة النقدية الموجودة في البلد مجمدة في مثل هذه المساهمات، ما مدى دقة هذه المعلومة؟
- إذا نظرت لميزانية الدولة خلال العشرين سنة الماضية تجد أن نسبة 60% منها ذهب لإقامة البنية التحتية لهدف توطين الناس وايجاد مدن فإذن العقار هو جزء مكمل ومن هذه العملية، بإقامة أحياء بشكل منظم وبطريقة حديثة هذا شيء يتمم لدورة متكاملة.. وإذا أنت اشتريت فيلا بمليوني ريال هل يعتبر هذا تبذيراً لأموالك؟ علماً بأنك أنت صاحب القرار لأنه بإمكانك أن تظل مستأجرا لشقة أو فيلا وفلوسي أستثمرها في أي مجال آخر.. أو أن تشتري بها منزلاً.. وهذا قرارك أنت.. وإذا نظرت لاحتياجات الناس في المجتمع لوجدناها احتياجات مختلفة، هناك احتياج للسكن، كما في الوقت نفسه هناك احتياج لمتطلبات أخرى مثل العلاج والترفيه.. والغذاء.. إذن العقار هو جزء من احتياجات الإنسان.. وحين تتحدث عن انفاق 40 مليار للسياحة.. تقول هذه أخطاء وعلى الدولة أن تمنع الناس من السفر..!؟ .. لايمكن أن تقول هذا الشيء.. وحين نقول: إن الادخار يستنفد 50% من مدخراتك الشخصية هل تقول هذه جريمة.. أو هذا خطأ؟؟ أنت حر.. لأنك أنت صاحب القرار. إذن ما ينفق على العقار مهما كان نسبته هو جزء من احتياجات المجتمع.. ولايمكن لنا أن نقول إن هذه المبالغ ذهبت أدراج الرياح.
* قد لايرضي هذا الكلام.. أهل الاقتصاد؟
- نعم.. نعم.. لكن الذي أقوله حين يوجه هذا الاستثمار في استثمارات غير منتجة، في الصحاري مثلاً فأنا ضد هذا.. لأني ضد الاستثمار الجماعي خارج المدن.
* هل ترى من الضرورة المطالبة بإيجاد تشريعات تقنن عملية الاستثمار في هذه المساهمات التي في الصحاري؟
- لا..أنا لا أطالب بشيء.. ياعزيزي التشريع موجود وتنظيمات وزارة الشؤون البلدية والقروية واضحة، وحدود المدن واضحة، وحدود النطاق العمراني واضحة ومعلنة.. وليس هناك شيء خافٍ.. ولكن المستثمر صاحب القرار، وهو يتخذ قراره حسب ما تمليه عليه مصلحته.. مثلاً لوجئتك الآن وبعت عليك أرضا تبعد مائة كيلو في طريق القصيم.. ممكن توافق على شرائها لأنه من منظورك الشخصي ترى فيها فرصة استثمارية جيدة لو انتظرت عشرين سنة مثلاً. إذن المسألة مسألة قرار شخصي.. لكن ضخ مبالغ أكبر من اللازم هذا ما أقول إنه استثمار غير منتج حالياً لكن إجمالاً.. أقول إن الاستثمار في العقار ليس فيه أي عيوب أو قصور وهو شيء قائم في كل دول العالم.. في افريقيا وأوروبا في الدول العربية.. العقار يحتل حيزا كبيرا من إجمالي حجم الاستثمارات بشكل عام حيث تبلغ نسبته أكثر من 60-70% من استثمارات الناس.
* لماذا هذا الاندفاع الكبير للاستثمار في العقار؟ هل عدم توفر أوعية استثمارية لاستيعاب هذه الرساميل كان السبب الرئيس لهذا الاندفاع؟
- سبب اندفاع الناس للاستثمار في العقار لعدم وجود أي قناة استثمار آمنة أخرى في المملكة غير العقار، ثم فعلاً ان الأوعية الاستثمارية الموجودة داخل المملكة محدودة. فإذا رأيت هذا الكم الكبير من الدكاكين والمحلات في مدينة الرياض لوجدت أن مدخرات المواطنين تذهب هباء منثورا. مثلاً مواطن لديه مدخرات في حدود 150 ألف ريال وفتح له محلا تجاريا كما ترى في الأحياء والشوارع تجده بعد فترة بسيطة يعاني من الكساد وعدم الاستفادة نظراً لكثرة المنافسة. إذن ذهبت مدخرات هذا الفرد هباء.. لأن عدم وجود كيانات اقتصادية كبيرة تستوعب مدخرات المواطنين وغيابها أدى إلى فجوة كبيرة في استثمار المدخرات.. بنظام الشركات المساهمة لدينا لا يخدم نهائياً مصلحة المساهم والآن الشركات المساهمة للأسف أغلبها فاشلة ماعدا الشركات القومية مثل سابك والشركات المشتركة مثل البنوك، أما بقية الشركات فهي مال سائب. هذا أدى إلى عدم نشوء شركات مساهمة جديدة لها القدرة على امتصاص مدخرات المواطنين وفي الوقت نفسه تقديم خدمة للوطن وتقديم عائد مجزي للناس. فأصبح اقتناء الناس لأسهم الشركات ليس للادخار ولا للاقتناء بل هي للمضاربة لا أكثر ولا أقل لأن نتائج أغلب الشركات سيئة مع العلم أن هناك شركات مساهمة تنافسها شركات مملوكة للأفراد ولا نجد مجالا للمقارنة في النتائج.. ولا داعي لذكر الأسماء.
* لماذا وهل هناك قصور في العملية؟
- نعم أعتقد هناك قصور وأيضاً عدم ممارسة المساهمين لحقهم وسلطتهم على مجلس الإدارة.. لأن أغلب المساهمين يقتني الأسهم للمضاربة، لذلك لايهتم نهائياً بمسألة مجلس الإدارة عن نتائج أداء الشركة.
* ولكن يؤخذ على الاستثمار في العقار بأنه لايخلق فرص عمل ولايوجد وظائف للسعوديين الباحثين عن العمل؟
- صحيح.. أنا أتفق معك، وهذا واقع العقار لأنه لا يحتاج لأيد عاملة كثيرة.. وهذا يأتي في المراحل الأولى.. لكن في المراحل التالية عند إنشاء المنشآت وإقامة المجمعات، فإنك ستحتاج لملايين الشباب لإقامة هذه المنشآت أما في بيع الأرض فالأمر لايحتاج وجود عدد من الموظفين، لكن المراحل التالية هي التي تتطلب وجود أيد عاملة.. لكنني أتساءل، هل لدينا الشباب المهيأ؟؟ موضوع آخر.. وهو يتعلق بتوجيه المجتمع نحو القطاعات المنتجة، أما كيف نوجهها وكيف نستغلها فالموضوع ليس موضوع رأيي الشخصي لأنه يحتاج الاستعانة ببيوت خبرة عالية المستوى وإلى خطة عمل وطنية.
* متى إذن نستطيع الخروج من دائرة الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي ولا أظن أن العقار له دور في عملية التحول للاقتصاد الإنتاجي؟
- لاتستطيع أن تقول إن العقار لا علاقة له بالاقتصاد الإنتاجي، بل له علاقة قوية ومرتبطة بالاقتصاد الإنتاجي، فأنت حين تجد أن الدولة انفقت أكثر من 800 مليار على عمل بنية تحتية للوطن، فإذا اعتبرنا أن ما أنفقته الدولة غير مجد وليس له داع.. يمكن أن نقول إن الاستثمار في تنمية المخططات يعتبر تعطيلا للاقتصاد، إذن فهو استثمار في تقديم حاجات الناس.. لكن حين تتحدث عن الاقتصاد المنتج وتتحدث عن الأنشطة التجارية التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، منتجات خدماتية، وهذه الأنشطة هي التي تقوم بتقديم كل ما يتعلق بالخدمات التي تهم حياة الناس من صحة ومأكل ومشرب ونقل ومواصلات وسياحة واتصالات ومساكن، هذه كلها أنشطة خدماتية والعقار جزء مكمل ومهم لهذه الأنشطة، ثم إذا جئنا للأنشطة المنتجة وهذا يعتمد على سياسة الدولة أن تحول الاقتصاد إلى اقتصاد منتج كأن تحول الاقتصاد نحو الصناعة، وهذا أمر آخر، وحتى الصناعة مرتبطة بالعقار بتهيئة المواقع وإيجاد الأراضي، ونحن بالمناسبة سنقوم بإنشاء أول مدينة صناعية من القطاع الخاص مكتملة من جميع النواحي، هل هذا مجال للنقد حين يبادر القطاع الخاص ويسهم بتنفيذ مثل هذه المشاريع لذلك أقول ان العقارجزء مكمل، ولكن إذا أردت أن تتحدث عن اقتصاد بلد، فهذا موضوع آخر يتعلق بالدولة بأن تحول الاقتصاد إلى اقتصاد ومنتج، وبالتالي الأمر يحتاج إلى تشريعات وتنظيمات غير متوفرة الآن.
* إذن ترى أن الموضوع ليس بتلك السلبية المطلقة؟
- نعم.. العقار هوجزء من حاجات الناس.
* لكن ماذا عن مردوده على الاقتصاد الوطني؟
- العقار لايضيف للناتج الوطني، ولكن العقار هو رأسمال يدور في داخل الوطن.. وهو يتنقل بين الأفراد داخل الوطن ولايغادره مثل بعض الاستثمارات الأخرى، ولو نظرت إلى قطاع السياحة تجد أن هذه الأموال تخرج سنوياً إلى خارج البلاد، ونحن هنا نتحدث عن مبالغ طائلة تقدر بحوالي 40-50 مليار تخرج خارج الوطن بدون أي مردود، أما العقار فهو رأس مال يدور بين الناس في داخل الوطن، وهي في النهاية منتجات داخلية وتدور بين الناس، لذلك لايمكن أن تقول: إن في هذا تعطيلا لرأس المال، وهو ينتقل بين الناس عن طريق بيع وشراء العقار. وكما أن المبالغ التي تنفق على السياحة هي كلها تنفق خارج الوطن، وأيضاً في قطاع البناء فمن خلال الأيدي العاملة الأجنبية وعملية استيراد مواد البناء نجد أن مبالغ طائلة تخرج خارج الوطن سواء بتحويلات العمالة الأجنبية ومن خلال عملية الاستيراد، كذلك باقي القطاعات الأخرى لكن في قطاع العقار الأمر يختلف لأن رأس المال يدور بين الناس داخل الوطن ولا ينقص منه هللة واحدة إلى الخارج. واذا قلنا ان حجم الاستثمار في العقار يصل إلى حوالي 500 مليار ريال فإن هذا المبلغ يتحرك كله داخل المملكة.
* تحدثت عن قلة توفر الأوعية الاستثمارية وانتقدت أداء الشركات المساهمة، لماذا لاتبادرون أنتم كرجل أعمال بإيجاد فرص استثمارية في الوطن؟
- المملكة العربية السعودية تتمتع بفرص خيالية للاستثمار سواء بتوفر المواد الخام وتوفر البيئة المناسبة التي تعتبر من أخصب بيئات الاستثمار.. ولكن هناك خمول وتراخ من كثير من رجال الأعمال في ممارسة دورهم والاستفادة من هذه الفرص بشكل قوي.
* هل مرد هذا إلى البحث عن الربح السريع والمريح؟
- دائماً رجل الأعمال يبحث عن الربح الأسرع والأكبر.
* ماذا عن حجم ونوع المخاطر في الاستثمار العقاري؟
- تكمن المخاطر من مشكلة أزلية موجودة بالمملكة وهي موضوع الملكيات.. وهي مخاطر كبيرة جداً، للأسف أن منشأ الملكية يصدر من جهة كتابة العدل في حالة المنح أو الهبة ومن جهة المحكمة في حالة الاستحكام وإثبات الأحياء، أحياناً نجد ازدواجا في الملكية من طرفين، وهنا تكمن المشكلة الكبيرة وممكن تؤدي بالمستثمر إلى التهلكة، وهذا مرده إلى غياب إنهاء هذه المشكلة من وزارة العدل.
* هل تقدمتم كعقاريين إلى وزارة العدل بمقترحات أو أفكار أومطالبات؟
- لا.. لم نقم بأي شيء من هذا لأن الأمر لايخفى على وزارة العدل لأن القضايا التي تنظر في وزارة العدل هي نفس هذه القضايا.. وهذا موضوع خطير جداً.. وتوجد هذه المشكلة بصفة رئيسة في المنطقة الغربية.
* كيف ترى هذه الطفرة التي يشهدها العقار الآن، وهل ترى استمراريتها؟
- نحن نختلف عن الآخرين.. لأنه ليس لدينا مساهمات.. الذي نقوم به هو عملية بيع مبكر، أما إذا كان الحديث عن طرح المساهمات الموجودة هذه الأيام فهي تنقسم الى قسمين، بعضها توجد في أماكن منطقية وأسعارها مقبولة ومعقولة وهذا أعتقد ليس فيه شيء بل هو فرصة طيبة للناس ويدير هذه المساهمات أشخاص موثوق بهم وهناك تقريباً نسبة 70% من المساهمات الجديدة يديرها مجموعة من الشباب، المتهور يندفعون لشراء أراض خارج المدن بأسعار فلكية الهدف الرئيس منها تحقيق عمولة للمكتب بصرف النظر عن النتيجة، أما كيف ينتهي الموضوع، وكيف يعيد للناس، استثماراتهم، وما هو مصير الأرض، وكيف يكون مصير المشروع.. كل هذا للأسف في علم الغيب لأن الموضوع من أساسه غير مدروس، كل مايهمه أن يشتري هذه الأرض وبأسعار فلكية مثلاً لوجئت إلى مساهمة تقع شمال مدينة الرياض بحوالي 60 كيلو تجد سعر المتروصل حوالي 200 ريال فهذا جنان، بتوريط الناس في مثل هذه المساهمات أعتقد أنها مصيبة كبرى.
* ما رأيك فيمن يحدد نسب الربح في هذه المساهمات؟
- هذا كاذب.. لأنه لايستطيع أي أحد أن يتنبأ نهائياً وبالذات في العقار ونحن بخبرتنا في هذا المجال نعرف أن قيمة الأرض أصلاً غير واقعية نهائياً، فهذا كذب على الناس.
|