تم لي منذ أيام شرف الدخول إلى قصر الحكم في زيارة خاطفة لمكتب أمير منطقة الرياض حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
وكان ان ارتسمت في مخيلتي صورة رائعة لم أجد بداً من الاستجابة إلى دافع داخلي في تسجيل الخطوط البارزة لهذا المشهد العظيم بكلمات كل أملي فيها ان تعطي القارئ فكرة مصغرة عما يجري يوميا في قصر الحكم وبين يدي هذا الإداري الكبير من تحقيق للعدالة ونصرة لمظلوم ومتابعة ملحة لارساء قواعد الحكم المتزن في هيبة ووقار واحترام متبادل بين السيد والمسود، الحاكم والمحكوم، الآمر والمأمور، الموظف وصاحب المعاملة على نحو لم يسبق له مثيل إلا ما ندر وورد على ألسنة وأقلام المؤرخين عن سيرة عظماء الرجال وكبار المسؤولين.
وأول ما يلاحظه الداخل على سموه هو ان الباب قد فتح على مصراعيه فلا حاجب ولا حارس أو شرطي لمنع الناس من مقابلة الأمير وبسط قضاياهم أمامه سواء بكتاب يحمله صاحب الشكوى قد خطّ فيه مظلمته أو شفاهة لشرح ملابسات وتطورات موضوعه وإلى أين قد وصل، وماهي العقبات -إذا وجدت- التي تقف في طريقه.
ويغص المجلس على سعته بالمراجعين ولكل مسألته التي يراها في نظره أهم ما يشغل باله وليس أمامها مشكلة، ويريد ان يوضح غوامضها ويتوسع في شرح تطوراتها.. الخ وسلمان في رحابة صدره وابتسامته التي لاتفارق وجهه يتقبل كل هذه العرائض والشكاوى ويقرأها ويحيلها إلى المراجع المختصة، فلا تمضي ساعات إلا وقد انحسر هذا السيل من البشر فوصل كل ذي حق إلى حقه وراح يلهج بالثناء العطر على هذا التجاوب الفعال من قبل هذا المسؤول الكبير إبان النظر في معاملته.
وأبلغ مافي الموضوع ان سموه على كثرة المراجعين لا يضيق بأحد ولا يزجر لجوجاً ملحاحاً.
بل ربما دعاه ذلك المتشبث لانهاء قضيته بأسرع ما يمكن إلى طلب الملف من لدن الموظف المختص واجراء دراسة مستعجلة والأمر باجراء ما يلزم بأسرع ما يمكن دون ان تعرف كلمة (تعال غدا) سبيلا إلى مجلس سموه أو إذن واحد من أصحاب المصالح.
وسلمان على مايعرف الذين عاشوا في عهد المرحوم والده عبدالعزيز كثير الشبه بأبيه خلقا وخلقا (بالضم والفتح) ولذلك فلا غرو أن يصدق المثل القائل (وما هذا الشبل إلا من ذاك الأسد).
أمد المولى بعمر الانجال الكرام السائرين على خطى ذلك الوالد الكريم، وسقى الله قبره شآبيب الرحمة والغفران وأدام هذه الشجرة المباركة يانعة مزدهرة تظل بفيئها شبه الجزيرة العربية وينتفع بنتاجها أبناء العروبة والإسلام.
هذه هي الصورة التي ارتسمت في مخيلتي وأردت ان انشرها في كلمات قليلة قد لا تفي بالغرض ولكنها للتعبير عن شعور الفخار والاعتزاز.. بهذا الأمير الصالح الذي ليس لي إلا ان أنهي كلمتي بأمل ورجاء، والأمل هو ان يتقبل سموه هذه الخاطرة التي لم توفه حقه الكامل، والرجاء هو ان يحذو كل موظف حذو هذا المثال الطيب في معاملته مع المراجعين من أبناء هذه المملكة الخيرة المعطاءة التي يشكل أفرادها أسرة كبيرة متحابة متراحمة متعاطفة في رعاية الوالد الحبيب إلى قلوب الجميع الفيصل المعظم باني نهضتنا الحديثة ورائد مسيرتنا البناءة تحت راية القرآن وتعاليم الإسلام الحنيف نحو مستقبل أحسن وحياة أفضل للجميع بمشيئة الله تعالى، إنه نعم المولى ونعم النصير.
سليمان بن عبدالرحمن العيسى/ الرياض |