قبل أكثر من 20 عاماً لبَّى زميلنا العزيز سعد المهدي دعوة القسم الرياضي ب«الجزيرة» للتعاون معه.. وكان القسم يطمح في استثمار العلاقة المميزة والكبيرة التي تربطه بالكثير من منسوبي الوسط الرياضي وخصوصاً اللاعبين، فقد كان محبوباً لديهم وصديقاً لمعظمهم.
دخل إلينا في القسم بنفس الخطوات ونفس الهدوء والنظرات الصامتة التي ظلت تلازمه حتى وهو يصل إلى أعلى المناصب في الصحافة الرياضية «رئيساً لتحرير جريدة الرياضية».. وهي سمات لم تؤخِّر صعود نجمه ولمعان اسمه في عالم مهنة المتاعب.. فقد كان خامة جاهزة وطاقة جبارة تنتظر الفرصة للعطاء والإبداع.
وتدرَّج أبو نواف بحكم إمكانياته الكبيرة وسلوكه المثالي وتعامله الطيِّب الذي يدخل حبه في القلوب من منصب إلى آخر.. وعمل بفلسفة أو سياسة واحدة تعكس النموذجية في العطاء والمثالية في الطرح والعرض.. وكانت هذه الطريقة في زمن مراهقات صحفية ماضية مثار اعتراض رؤسائه ومحط تندُّر بعض زملائه.. فقد كانت الإثارة مطلباً والتعصب منهجاً وعمى الألوان منتشراً في كل زاوية وعمود من أعمدة أي صفحة رياضية..
كل هذه الضغوط.. وكل هذه الأجواء المحيطة والمغرية لم تمنعه من مواصلة السير في درب قناعاته الراسخة ولم تغيِّر من منهجيته الواثقة حتى وصل إلى ما وصل إليه وأثبت بالدليل القاطع أن النموذجية هي الكاسب وشرط أساسي من شروط التوفيق والنجاح.
وغير هذا فإن «للمهدي» فلسفة وطريقة خاصة في قيادة دفة العمل وتسيير أمور التحرير والتعامل مع المحررين.. فهو يملك صبر أيوب ويتمتع بحلم معن بن زائدة في معالجة كل التجاوزات والأخطاء والمواقف الصادرة منهم.. بحيث يعاتب بهمس ويعاقب بخطط طويلة الأمد تؤدي المطلوب وتفي بالغرض دون أن تترك أثراً سيئاً في نفوس مستحقيها.. أو تعكس مردوداً سلبياً عليه.. فمحبته تظل كما هي وتقديره يزداد لأنه حكم ولم يظلم وقرر فأنصف وعدل.
ذلكم هو أبو نواف.. كما عرفته وعدت للكتابة بعد انقطاع من أجله لتعريفكم بما لا يرضى هو أن يطلعكم عليه.. متمنياً له التوفيق في مهمته والنجاح في عمله.
|