لم يغب الحوار في أي وقت عن أي مجتمع، لكن ما يدفعه حالياً إلى صدارة الاهتمامات أنه يأخذ شكلاً منتظماً ويتناول، وسط حضور إعلامي، موضوعات حيوية، وذات أهمية قصوى ويتسع لكل وجهات النظر، وفي كل ذلك إعلاء من شأن الحوار وتشجيع للأخذ به في كل موقع، طالما أن الهدف هو مصلحة العقيدة والوطن.
ويتصدر الحوارات دون شك جلسات الحوار الوطني التي اختتمت مؤخراً، وهذه الجلسات تشير إلى أرفع الأوعية الحوارية في المجتمع وذلك من خلال المشاركين فيها باعتبار أنهم يمثلون النخبة الفكرية في المجتمع، غير أن دوائر الحوار تنداح لتنعقد في مستويات متعددة من البناء الاجتماعي وفي مختلف التجمعات العملية والطلابية والسكانية.
رسالة الحوار الأولى هي ضرورة السعي نحو تفهم الآخر وأن السبيل إلى ذلك يكون من خلال الكلمة، ما يعني إسقاط كل وسيلة أخرى للتعاطي بين الناس، وهكذا فلا مجال هنا للقفز فجأة إلى العنف من أجل إبلاغ أي رسالة، فالوسائل الضيقة تحجب بصفتها الضيقة تلك تفاصيل أية رسائل وتخلِّف فقط الندم والحسرة وسط بحار من الدماء والآلام التي تجعل من الصعب تفهم ما يجري.
وفي خطط الحوار الوطني، وفقاً لتوجيهات سمو ولي العهد، أن ينعقد هذا الحوار الوطني كل شهرين، ولعلَّ ذلك يكسبه المزيد من الحيوية والفاعلية ويزيد من عدد المشاركين فيه، بحيث تزيد الفائدة وتتسع مساحة المشاركة، وكلها أمور تعني حصيلةً من الأفكار الكثيرة والمتنوعة التي تعكس الآمال والطموحات المتعلقة بكل أمر من الأمور.
ويبقى من المهم ملاحظة الأثر الإيجابي لهذه النقلة المتميزة في أداء المجتمع من خلال تعميق قيمة الحوار ومن خلال تبنِّيه كأسلوب للعمل، وقبل ذلك في التخطيط وفي كل شأن يهمُّ المجتمع بمؤسساته الصغيرة والكبيرة.ويفيد كثيراً أن يتم تقويم التجربة بعد مضي وقت مناسب لرصد الإيجابيات المتحققة بما في ذلك تلك التي تتناول تحديد وإظهار السلبيات بغرض معالجتها أو التخلص منها.
|