فرنسا: السياسة أقل المهن أمانة
* الجزيرة- باريس- بسام بونني:
قبل أشهر معدودة من الانتخابات الجمهورية في فرنسا، أثبت استطلاع رأي انعدام الثقة بين المواطنين الفرنسيين وسياسييهم، فعن سؤال «ما هي المهنة الأقل أمانة»؟، أجاب 55 بالمائة من الفرنسيين ب«السياسة».
ويأتي هذا الاستطلاع في وقت تعصف فيه الازمات بالساحة السياسية الفرنسية، اذ لا تزال تبعات الانتخابات الرئاسية السابقة متواصلة.
يذكر ان انتخابات 21 ابريل 2002 الرئاسية شهدت انهزام ليونال جوسبان ممثل الحزب الاشتراكي منذ الدور الاول مقابل مرور جان ماري لوبان زعيم اليمين المتطرف الى الدور الثاني.. وفي التاريخ، كان الفرنسيون يقدسون العمل السياسي لا سيما بعد اندلاع ثورة 1789 الشهيرة وقيام النظام الجمهوري، لكن في السنوات الاخيرة، برز مفهوم «الكل وسخ».
للتعليق عن تورط العديد من الساسة الفرنسيين في قضايا رشاوى وفساد، وبرز انعدام الثقة بين المواطنين والساسة في فرنسا بوضوح في الانتخابات التشريعية الاخيرة في صائفة 2002 والتي شهدت اقل نسبة (حوالي 60 بالمائة ) من المنتخبين، وانعكست العلاقة المتوترة بين الشعب والساسة على الساحة السياسية الفرنسية، اذ يركن كل من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسيين في سبات عميق فيما يهيمن الاتحاد من اجل الاغلبية الشعبية، الحزب الحاكم، على مقاليد الحكم، ويرى سيباستيان، 27 سنة، وهو طالب بالمعهد الاعلى للعلوم الاجتماعية والانسانية بباريس، ان «الجماهير الفرنسية احستب الملل بعد خسارة الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية الاخيرة وسيطرة حزب الرئيس شيراك على الساحة السياسية». وعبارة «ملل» هي حقا العبارة المثلى لوصف الوضع السياسي في فرنسا لا سيما وان السنوات الاخيرة شهدت تعايشا سياسيا بين الاحزاب كان آخره سنة 1997عندما انتصر الحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية، انقلاب سلم «القيم المهنية» ومن جهة اخرى، عبر العديد من الفرنسيين عن احتقارهم لبعض المهن الى جانب السياسة كالرياضة، فلاعبو كرة القدم، مثلا، صاروا يتقاضون اجوراخيالية لا تضاهيها اجور اكبر العلماء اوالاطباء، ويقول ستيفان، 24 سنة، وهوطالب بمعهد الدراسات السياسية بباريس، «انه من المؤسف ان يصبح لاعب كرة قدم رمزا وطنيا والحال ان هناك اشخاصا تعبت حقا وناضلت في مجالات اكثر نبلا كالطب والادب لتمثيل فرنسا وتحسين سمعتها في الخارج». ومن المهن الاخرى التي يقلل الفرنسيون من قيمتها نذكر التنشيط التلفزي لاسيما بعد إصابة فرنسا بحمى التيلي رياليتي اوما يعبر عنه في فرنسا ب«الابتذال التلفزي».
ومن المفارقات التي وردت في الاستطلاع أن 53 بالمائة من الفرنسيين يرونان مهنة السياسة تبقى ضرورية وهوما يفسره البعض بان الشعب الفرنسي يبقى متفائلا رغم الازمات التي تتالى في البلاد، والشغل الشاغل للفرنسيين هو تحسين الاوضاع الاجتماعية للجميع بتوفير اكبر عدد ممكن من ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك صرح في خطاب نهاية السنة الادارية بأن اولية سنة 2004 هي التشغيل.
|