عرض لي مرض أساء بالنجاة ظني، وكاد يصرف وجه العافية عني، هو شورى بين أمراض أربعة:
صداع لا يخف، وحُمّى لا تُغب، وزكام لا يجف، وسعال لا يكف.. علة أنا في أسرها معتقلة، وبقيدها مُكبلة.
أمراض تلوّنت علي، وأساءت بي وإلي فأنا أشكر الله تعالى إذ جعلها عظة وتذكيرا ولم يبق منها الآن إلا يسير.
احسب ان الأمراض قد اقسمت على ان تجعل اعضائي مراتعها، ومن جوارحي مرابعها.
عرض لي من السقم ما صار معه القنوط يغاديه ويراوحه، واليأس يخاطبه ويصافحه، فشاهدت نفسي وهي تخرج، ولقيت روحي وهي تعرج، وعرفت كيف تكون السَّكرة، وكيف تقع الغمرة، وكيف طَعْمُ البعد والفراق، وكيف تلتف الساق بالساق.
مرض لحقتني روعته، وملكتني لوعته، وجدت في نفسي ألماً أوحشه آنسه، حتى شممت رائحة الصحة والعافية، وجاءني لطف العزيز الجبار، من حيث لا احتسب.
|