وصف العرب القدماء المرأة الجميلة فصوروها «كالكثيب» إن قامت أو قعدت، وإذا مشت فهي صامتة الخلخال لفرط اكتنازها وتطبق الشحم على جسدها، «عبلة» متورمة، ومن هنا كان اسم «عبلة» محبوبة عنترة كناية عن تكدسها، نؤوم الضحى صفراء اللون لم تلوح بشرتها شمس أو قر.
تلك المواصفات المرعبة هي أولى أبجديات القباحة اليوم، ففي مجتمعات الوفرة والسوبر ماركت وبوابته المتعددة، والبضائع التي تتكدس على الأرفف فتكاد أن تندلق عنها، والوجبات السريعة التي تطاردك عند كل منعطف، والطعام الذي تحول إلى سلعة استهلاكية ثمينة تمولها الشركات العابرة للقارات.
بات الأمر يقدم مأزقاً اجتماعياً وصحياً كبيراً، هذا إذا علمنا بأن نتائج الدراسات أثبتت أن نسبة السمنة لدى النساء في الخليج 63% والرجال 54%.
وهذا بالضبط يبرز لنا وجهاً من وجوه مأزقنا مع العالم الخارجي، فلدى البلدان المصدرة لهذا النمط الغذائي الذي يصيب بالانتفاخ هناك حملات صحية وتوعوية ضخمة موازية، بل ومضادة لنظام الوفرة الاستهلاكي، وهناك اعتناء بالجسد وصحته وتركيز على علاقة الغذاء بالمرض، كشكل من أشكال المقاومة والسيطرة على التيار، ولكن ما يحدث لتلك السلع عندما تصل إلينا منقطعة عن خلفيتها الحضارية تنخرط في سوق كبيرة خاضعة لقانون الوفرة دون أن يرافقها ما يغربلها، بل هناك قوانين اجتماعية تدعمها وتكرسها فأصبحت التجمعات البشرية لدينا يسهم الطعام بشكل وافر في تحديد أشكال الضيافة والوجاهة والمنزلة الاجتماعية.
كانت جداتنا في السابق غزلاناً صحراوية رشيقة رقيقة، ومن يذهب المناسبات الاجتماعية الآن سوف يصدم بكتائب من المشاة والمدرعات فائقة المتانة.
|