لا أحسب أن كاتباً ملتزماً بالكتابة اليومية تعَّهد بالكتابة عن «المناهج» من سنوات تزيد على عقدين بمثل ما تعاهد هذا القلم...، غير أنَّ ما يحدث الآن من توجَّه نحو «المناهج» يثير كوامن الدَّهشة، بل يزيد...
ذلك لأنَّ ما يُتطلَّب من تغيير جذري فيها لا يرتبط بما يدور في «خلد» أولئك المتسلِّطين «بفعل» الحركات «الاستعمارية» للعقول قبل شبر الأرض، والذين يفتحون لأنفسهم أوسع الأبواب بفعل «حركة الأحداث» على وجه الأرض، والذين «ابتكروا» بقدرة عجيبة مثل ما ابتكروا ويبتكرون «مصطلحات» «مطَّاطية» يستخدمونها «محركاً» لأغراضهم... وعلى أكبر رقعة من صحائف برامجهم اليومية مصطلح «الإرهاب» وبدائله: «العنف»، «الاعتداء». ال....، ال....
لأنَّ الواقع، والحقيقة، والوثائق وجميع ذلك يؤكد بأنَّ مناهجنا بعيدة كلَّ البعد عن تغذية العنف والرغبة في الاعتداء والجسارة على الإرهاب...
وإنَّ ما تحتاجه مناهجنا هو أمر بعيد كلُّ البعد عن ذلك.
فمناهجنا تحتاج منذ بدأت مشاريع التطوير في هذا المجتمع إلى تطوير توجُهاتها وذلك برسم أهداف التطور في صور قابلة إلى تحويلها ضمن المناهج إلى خبرات يتمَّ تنفيذها إجرائياً، بحيث: تواكب هذه المناهج ليس في أهدافها المرسومة بل المنفَّذة متغيَّرات العصر، فتشمل المعارف، والمعلومات، والأساليب الحديثة في اكتساب مهارات التفكير والعمل والابداع، وبحيث لا يتلقَّى ولا يُلقَّن الدارس إلاَّ بما يجعله فاعلاً ومتفاعلاً مع حركية التعليم، والتعلُّم، يأخذ بمثل ما يعطي، ويتدرب أكثر ممَّا يُصَبُّ في أذنيه، ويكون على «دراية» كافية بمعطيات الحياة من حوله، لا يسأل عن معرفة وهو في منأى عنها، ولا يُزجَّ في موقف ويظل قاصراً عن المثول بالشكل اللائق فيه.
ما نحتاج إليه في تغيير المناهج أن تكون قادرة على أن يكون المسلم قادراً على تمثيل اسلاميته قولاً وفعلاً في مظهره ومخبره، في فكره وسلوكه لا أن «يدري» عن «معلومات» قاصرة أو مشوَّشة، فيكون اسماً لا تمثيلاً في اسلاميته، بمثل ما يكون كذلك مع كلِّ الخبرات التي تقدمها له المناهج. بمعنى آخر: فإنَّ ما كنَّا ولا نزال نتمناه في تغيير مناهجنا هو أن تكون صورة ماثلة لواقع ما نحياه تحقِّق احتياجاته وتؤهِّل إلى تجاوزه بما يزيد الفرد قدرةً على بلوغ التفوق والنجاح في حياته كي يواجه متطلبات البناء واحتياجات الصراع مع الحياة بشكل قوي...
أمَّا وهذا الذي يُشاع ويُذاع من حولنا، ونردِّده كما تردِّد الببغاوات في شأن المناهج جرياً وراء «مصطلحات» صنعها من يريد سلب أمَّة العرب والمسلمين قواعدهم لتهوي أبنيتهم، فإنَّنا لا نقول سوى: اللَّهم أجرنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
|