* بغداد/د. حميد عبد الله:
ظلت كركوك مثل قِدر يغلي ولا أحد يجرؤ على رفع غطائه خوفا من انفجار ذلك القدر الذي تراكمت فيه ضغوط الخلافات والاختلافات والعصبيات والأطماع والتبعيات كونه موطن التعددية القومية والطائفية وموطن النفط الذي بني به العراق وبه هدم وتمزق واحتل.
كركوك ودعت عام 2003 بمواجهات دامية بين العرب والأكراد والشيعة التي كان الجميع يتوعدون بها بعضهم البعض لكن مواجهات رأس السنة اختلفت عن سابقاتها في حساسية توقيتها وفي عمق الشعور بضرورة حسم وضع المدينة قبل تشكيل حكومة دستورية لان الفوضى فرصة ذهبية للبعض لكي يحقق ماعجز عنه في ظل الاوضاع الطبيعية.
شهود من كركوك أكدوا ان المدينة تعيش أوضاعا محتقنة منذ عدة أشهر لكنها ازدادت احتقانا وتوترا خلال الأسبوع الماضي عندما خرج الأكراد بتظاهرات عارمة مطالبين بانفصال كركوك عن جسد العراق والحاقها بالدولة الكردية الموعودة باعتبارها (قدس كردستان).
ما زاد الأمر تعقيدا هودخول مجاميع من فيلق بدر على الخط حيث توجهت الى كركوك شاحنات محملة بمئات العناصر من فيلق بدر الى كركوك تحسبا لتعرض شيعة كركوك من العرب والتركمان الى اعتداء من (البشمركة) الذين تعاملوا مع التظاهرة العربية التركمانية ضد الفيدرالية على أنها موجهة أصلا ضد الأكراد.
شهود قادمون من كركوك أكدوا ل(الجزيرة) ان الأكراد اعتلوا أسطح المنازل ووجهوا بنادقهم صوب الجموع المتظاهرة فسقط عدد من القتلى وعشرات من الجرحى وجاء الرد من العرب شيعة وسنة ومن التركمان الذين تخندقوا معهم فوريا وعنيفا أما القوات الامريكية فلم تتدخل سوى الطائرات المروحية التي حلقت في سماء المدينة وهي ترصد وتستطلع.
والسؤال الذي يطرحه العرب بجميع انتماءاتهم واتجاهاتهم لماذا ارتفع الصوت الكردي الآن للمطالبة بكركوك؟ وهل شعب العراق مهيأ في هذه المرحلة المضطربة للتعامل مع مفردات معادلة معقدة كتلك التي يطرحها الأكراد؟
من الواضح ان القيادة الكردية تحاول استغلال الفراغ السياسي الذي يعاني منه العراق لتجني استحقاقاتها المترتبة على تعاونها مع سلطات الاحتلال الأمريكي ومساهمتها الفاعلة في إسقاط بغداد بأيدي المحتلين، كما أنها تسعى الى الاستفادة من الفرصة التاريخية في هيمنة (قبيلة) المحافظين الجدد على القرار السياسي الأمريكي والاستفادة من ثقل الحليف الإسرائيلي في تحقيق مشروعها الانفصالي.
ويتساءل العراقيون العرب لماذا هذا الإصرار الكردي على ضم مدينة كركوك وتقديمها بنحومفاجئ ومغالط كعاصمة لإقليم كردستان؟ وهل تقبل القيادة الكردية ضم كركوك الى المنطقة الكردية إداريا مع الإبقاء على سيادة بغداد المركزية على حقول النفط؟ والجواب يقترن بالنفي القاطع طبعا! ما يزيد الأمر تعقيدا هوان الصراع الكردي العربي لن يبقى شأنا عراقيا بل ان بعض دول المنطقة ستكون طرفا فيه شاءت أم أبت وخصوصاً الجارتين الكبيرتين إيران وتركيا فالأولى (يؤرقها) مصير الشيعة والثانية يقض مضجعها وضع التركمان المهددين بالإبادة ويستفزها تكريد كركوك أما واشنطن فانها بعد ان ضمنت النفط العراقي فان الدم سواء كان كرديا أم عربيا أم شيعيا أم تركمانيا أم سنيا فانه لا يقدم بالنسبة لمشروعها في العراق ولا يؤخر
|