في كل حين وآخر يأتي إلينا نبأ وفاة نماذج من المؤثرين من علماء بارزين ورجال مصلحين وآخرين محسنين تبكي عليهم القلوب قبل أن تذرف العين الدموع لا جزعاً ولا سخطاً بل كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون».
وما أصيبت الأمة بمصيبة أعظم من فقده صلى الله عليه وسلم فكل مصيبة بعد وفاته تهون فنسأل الله أن يلحقنا به في دار المتقين.
ولا شك أن أنباء الوفيات محزنة مبكية مزعجة وربما مفاجئة وتعظم المصيبة كلما كان المفقود مؤثراً ولأمته للخير باذلاً، فكم من إنسان مات فلم يبكه إلا أقرب المقربين وكم من إنسان مات فتأثر الأقربون والأبعدون وبقي بأعماله الطيبة من المخلدين.
وقبل أيام ودّعنا رجل الخير الشاعر الإنسان طلال بن عبدالعزيز الرشيد وللأسف إنني لم أكن على دراية بصفات هذا الرجل رحمه الله الطيبة وسجاياه النبيلة ومواقفه الإنسانية إلا بعد وفاته وقد يعجب القارئ من قولي: إنني لم أكن أعرف إلا اسم هذا الرجل فقط وربما اشتبه الاسم عندي فلما قرأت نبأ اغتياله رحمه الله على أيدي مجرمين خونة وأخذت أقرأ ما كتبه عنه محبوه ومَنْ يعزّون فيه ويرثونه تملكني العجب، هل فعلاً هذا الرجل كان بيننا؟ لماذا أذاعوا أشعاره وأعلنوا أمسياته ولم يذكروا سجاياه؟! ثم لماذا لم يسجل كل واحد من هؤلاء الكتَّاب المواقف التي ذكرها قبل وفاته؟!
وأنا لا أطالب بتسطير الصفحات مدحاً وثناء، نريد تسجيلاً فورياً للواقع، لماذا ننتظر حتى يُوارى الثرى؟!
فمن خلال تصفحي لهذه المقالات وجدت أن الرجل يحمل أخلاقاً إنسانية عالية وجميلة. نعم نحن بحاجة إلى الأخلاق وحسن المعاملة والإحسان إلى الناس وتفقد المحتاجين والتواضع واللين للمؤمنين. يا مَنْ تحبون الذكر في حياتكم وبعد مماتكم إليكم الأخلاق الحسنة فهي أعظم موروث، عاملوا الناس بطيب وحب وإخاء وتواضع، انشروا وأذيعوا عن أصحاب الأخلاق النبيلة والعلوم النافعة والأعمال الخيرية لكي يقتدي بهم الناس ويستعينوا بهم. كم من عالم فقدناه لم يعرف شبابنا سيرته إلا بعد وفاته حتى إذا مات قالوا كان رحمه الله!!
فاصلة أخيرة..
إلى مَنْ أَحَبَّوا طلال، لا تكن شخصية طلال لديكم كالأطلال، اصنعوا من أعمال طلال الطيبة والأعمال الخيرية ما يبقى لكم وله إلى يوم الدين، اجمعوا البيضاء من فواصله البيضاء وتواصلوا مع الضعفاء فمن يرحم مَنْ في الأرض يرحمه من في السماء .. فكل يموت إلا العمل الصالح الطيب فإنه يبقى إلى يوم الدين.
فقد مرت جنازة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليها خيراً فقال صلى الله عليه وسلم :وجبت.
ومرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت. فقال الصحابة: ما وجبت؟ فقال: الأولى أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، والثانية أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار.
نسأل الله أن يرحم موتانا وموتى المسلمين ويتقبلهم في الصالحين وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا إليه راجعون.
|