منذ أيام قلائل انتهى معرض الكتاب الذي أقيم بأرض المعارض في مدينة جدة، وهذه المرة الأولى التي يحالفني الحظ فيها لحضوره. فقد جلت بين أروقته العاجّة بالكتب العديدة المتنوعة.. إلا أن حضور وافديه، لا يذكر إذ يقدر عددهم بنسبة «20%»؛ وقد انتابني إحباط شديد وغيره وانا أتساءل مع نفسي: كم عدد المثقفين النهمين في الاطلاع على الثقافة؟ ومن منا يقرأ في هذا الزمن.؟
وبررت غياب القارئ في مدينتي لعدم اكتراثه بالكتاب.. الذي تناسي أو غاب في زمن الفضائيات والإنترنت.. ولم يعد له وجود إلا عند محبّيه ومتذوقيه والمستسقين منه.
إن الكتاب أصبح بضاعة مزجاة في زماننا، وليس هذا فحسب، فالقلة التي كانت تتجول بين أروقة المعرض؛ فإنها جاءت لحب الاستطلاع فقط!
وإذا ما حصرت المجموع الباقي من المائة فهم في سعي حثيث لشراء أغلى السلع مثل السيارات وأثاث المنزل وغيرها من الكماليات.
وتناسوا أن الكتاب هو أثمن سلعة اذ يعطيك ولا يأخذ منك، فقيمته في معانيه ومضمونه؛ لأنه خير صديق!
فالكتاب عند الكثر سلعة غير مرغوب فيها في عصر سادت فيه الثقافة الشفوية، وتناسوا ما قاله شوقي:
أنا من بدّل بالكُتْب الصحابا
لم أجد لي وافيا إلا الكتابا |
فهو خير صديق وخير جليس كما أعلن المتنبي، فالأمم لا تقاس إلا على معارفها ورقيها ومكتسباتها العلمية والحضارية التي تفاخر بها.!
لكن إنني أعتب أو ألوم أنفسنا لأننا لم نغرس في أبنائنا في مراحل الطفولة حب القراءة لتصاحبهم وتكبر معهم حتى تبقى عادة محببة في النفس.!
إننا في كل يوم نطالع ونقرأ إعلانات عن بضائع تشدنا وتغرينا، أما الكتاب فلا نجد له شيئاً من ذلك الاهتمام بما نستهلك ولأنه بضاعة منسية مظلومة.!
إننا مدعوّون إلى المبادرة في معالجة الخلل مبكرا في هذه العلاقة مع هذا الكنز، ذلك أن تقصيرنا نحوه محسوب علينا، لأنه ثقافة وعطاء وحياة لا يدركها إلا القلة، فمتى ندرك ذلك!؟
مرفأ: الكتاب بستان وارف الأشجار والظلال يسقيك رحيقه من كل زهرة ويطوف بك العالم ليثريك بثقافة لا حدود لها،... ولكننا نجهل قيمته ولا زلنا نبخل في دواخل أنفسنا من مصاحبته.!
|