الطِّين..!
يُطلُّ عليَّ هذا العنوان فوق تكعيبة كتابٍ يتَّشح بالبياض!!
على بعد أمتار.. يهتف الطِّين ويدعو:
هلمُّوا.. فما بقي سوى الطِّين كي تستمعوا إلى أسئلته؟
مَنْ مِنكُم لم يزرْه الطِّين، في هبوب الغبار، وهطول الأمطار؟
ذات حسرة: بكى الطِّين على الإنسان يسدر في هموم الفرح، متجاهلاً هموم التَّرح..
والطِّين...
يُطلُّ عليَّ، وقد نصع مُحيَّاه بنصاعة منطقه:
كم من السَّواد عُمقاً؟
وكم في النَّصاعة فراغاً؟
بين عمق ثريٍّ، وفراغ خَليٍّ..، يسخر الطِّين من عيونٍ فاتنات الاحورار!!
ذات صوتٍ: أقفلَ الطِّين يبحثُ في صمت الأصوات، منقِّباً عن أصوات الصَّمت..
في بهرجة الفرح..
وفرح البكاء..
ويهتفُ الطِّين متى؟
والدّرب في مَعيَّة السؤال دروباً؟
ما الذي وَجَّه القومَ إلى بهرجة الكلام؟ وضجيج الأسئلة، والأرض تميد بحركة الركض، أو بركض الحركات؟
ما الذي جُنَّ في عقول الراكضين؟
و.. ما الذي لم يكن ليكون، أو يكون وما كان؟
والطِّين بحكمة البياض يُفسِّر البياض، ويفرش الأسئلة؟
و.. كتابٌ يقبع بين الكتب، على حافَّة خشبية، بالغة التَّباهي بازدحام أكتاف الكتب، وهي تدقُّ مناكبها بأسئلةٍ تتصاعد من بواطنها بصمت حاد، ناطق حاد،
و.. الطِّين...
حروفٌ تباهت، تتراكض أمام عينيَّ...
تُذكِّرني بصوت الطِّين، وقد بدأ ملحمة الحوار، منذ أن ذُرَّ فوق أديم الأرض تراباً..، حجراً..، رملاً..، شيئاً مبثوثاً في صفحة الرؤية..
و...
لا يزالُ الكتاب على بعدٍ يطلُّ...
ليس هو غايتي...
الطِّين وحده من كان يتحدث!!
الحروفُ تطلُّ برغبة السؤال.
|