على عتبات الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقفت متأملاً ذلك الصرح الشامخ الذي أحبه فؤادي وانقادت له جوارحي حتى وجدت نفسي حاملاً شهادتي الجامعية والوثائق اللازمة متوجها طالبا العمل في هذا الجهاز.
في تلك اللحظة عادت بي الذاكرة الى الوراء حينما كنت أزور والدي حفظه الله في الهيئة حيث كنت أرى الجد والمثابرة يتبعها الدعوات الصادقة من الجميع ان يصلح الله البلاد والعباد، فكم كنت والله أتمنى أن يفسح لي المجال للعمل والسير مع قارب النجاة لآخذ بأيدي العباد إلى بر الأمان، يقول المقدسي رحمه الله (اعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين وهو المهم الذي بعث الله به النبيين ولو طوي بساطه لاضمحلت الديانة وظهر الفساد وخرب العباد).
إنها نبضات مستجد وأنا في الخطوة الأولى من تلك الخطى الثابتة التي رسمت لهذا الجهاز أجد نفسي مبحرا معه في كل صغيرة وكبيرة، حتى ذلك الشعار الذي وضعته الرئاسة شعاراً لها وجدت نفسي مندهشا من أبعاد معانيه التي تحمل صدق المعنى والتوجه فهو معبر بكل ما تعنيه هذه الكلمة فهي سفينة النجاح وسياج الحماية الذي يحمي الناس ويخرجهم من غياهب الظلمات ووحل الرذيلة إلى نور الإيمان وساحل الفضيلة مقترنة بشعار هذه البلاد رعاها الله التي قامت بخدمة دين الله في كل مكان.لقد كان لسان حالي يقول (يا أيها المستجد كم هي الآمال التي تبنى عليك وكم هي التفاؤلات التي تنعقد فيك فإياك ورعونة التصرف، اتخذ من العلم سياجاً ومن الحلم مركباً سهلا تصل به إلى قلوب الناس، قال الله تعالى: {ادًعٍ إلّى" سّبٌيلٌ رّبٌَكّ بٌالًحٌكًمّةٌ والًمّوًعٌظّةٌ الحّسّنّةٌ وجّادٌلًهٍم بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ} ومن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - نقتبس المنهج ونبراساً قال الله تعالى: {فّبٌمّا رّحًمّةُ مٌَنّ اللَّهٌ لٌنتّ لّهٍمً ولّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ القّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} فهو عليه الصلاة والسلام صاحب المبدأ السليم والقلب الكبير فلم يكن فظاً إلا على أعداء الله الذين يحاربون الله ورسوله، وخاطبت نفسي: أيها المستجد ليكن مبدؤنا جميعاً مستقياً من مبدئه عليه الصلاة والسلام يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فلابد من ثلاثة أشياء في الأمر والنهي (العلم والرفق والصبر والعلم قبل الأمر والنهي والرفق معه والصبر بعده) أي الرفق مع الأمر والنهي. إنها نبضات مستجد تنبع من قلب شغوف، نبضه يخبر سائليه عما يكنه من حب لهذا العمل فهو مع كل نبضة يعلن الحب والوفاء، مع كل نبضة يعلن الفخر والاعتزاز، نعم أنه يعلن الفخر والاعتزاز فهذا العمل ينفرد بكونه العمل الوحيد الذي يحمل الطابع الرسمي على مستوى العالم وفي هذه البلاد رعاها الله، وكيف لا نفخر ونحن رجال الهيئة من اختص بهذا العمل على أنني لا أجعل هذا العمل حكراً على رجال الهيئة فحسب بل هي مهمة الجميع ولكن اجعلها على وجه التميز عن غيرهم فكل إنسان موكل بهذا العمل حسب الإمكان إلا في اقامة الحدود والتعزيرات فهي من اختصاص ولي الامر لا غيره وإلا أصبح الأمر غير منضبط بل ربما صار فوضى متنازعاً فيه. ولكن الله حينما قال: {ولًتّكٍن مٌَنكٍمً أٍمَّةِ يّدًعٍونّ إلّى الخّيًرٌ ويّأًمٍرٍونّ بٌالمّعًرٍوفٌ ويّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّر} (من) هنا على قول أنها للتعيين فتقدير الكلام فلتكن منكم طائفة متميزة تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنها المسؤولية المشرفة والأمانة العظيمة فلتكن على قدر هذه المسؤولية.وبعد أن منّ الله عليّ بالعمل داخل هذا الجهاز، الذي يجد فيه الإنسان كوامن القوة والعزة تدفعه دفعاً لكي يأخذ بأيدي الناس إلى خيري الدنيا والآخرة اضع أخي القارىء نبضات المستجد بين يديك والله من وراء القصد.
(*) رئيس هيئة العرضية الجنوبية |