|
* إعداد - يوسف بن ناصر البواردي(*) :
وأكمل فضيلته طرح مخاطر الانسياق وراء الشهوات بأن كل شهوة تستدعي ما بعدها حتي يهلك الإنسان؛ فلقد أقسم الشيطان أمام الله تعالى أن يسعى لإغواء عباد الله مهما وجد لذلك سبيلاً:{قّالّ فّبٌمّا أّغًوّيًتّنٌي لأّقًعٍدّنَّ لّهٍمً صٌرّاطّكّ المٍسًتّقٌيمّ ثٍمَّ لآتٌيّنَّهٍم مٌَنً بّيًنٌ أّيًدٌيهٌمً ومٌنً خّلًفٌهٌمً وعّنً أّيًمّانٌهٌمً وعّن شّمّائٌلٌهٌمً ولا تّجٌدٍ أّكًثّرّهٍمً شّاكٌرٌينّ} مؤكداً أنه يسعى بكل وسيلة لأغواء العبد وإضلاله، وهو يعلم أنه حين يوقعه في معصية - ولو صغيرة- قد تقدم خطوة، وقد أصبحت الجولة التي تليها أهون من التي قبلها، لقد أخبر الله تعالى عن الذين فروا من المعركة في أُحُد، وكيف أوقعهم الشيطان في هذه الكبيرة التي هي من الموبقات بسبب بعض ذنوبهم - وقد غفر لهم تبارك وتعالى - فقال سبحانه:{إنَّ الذٌينّ تّوّلَّوًا مٌنكٍمً يّوًمّ التّقّى الجّمًعّانٌ إنَّمّا اسًتّزّلَّهٍمٍ الشَّيًطّانٍ بٌبّعًضٌ مّا كّسّبٍوا ولّقّدً عّفّا اللَّهٍ عّنًهٍمً إنَّ اللَّهّ غّفٍورِ حّلٌيمِ } كما أنه يسعى بكل وسيلة لإيقاعك في الصغيرة ، ثم يتدرج بك إلى الفواحش ثم يقول بعد ذلك: قد خسرْتَ الدنيا والآخرة فتمتع بما تشاء من الشهوات وخض في الوحل ليقطع عليك خط الرجعة. والمتأمل في الواقع اليوم يرى أن معظم الشباب والفتيات الذين ساروا في طريق الغواية والانحراف، كانت البداية لديهم من طريق هذه الشهوة. سوء الخاتمة وفي الطرح الثالث لمخاطر هذا الانسياق حذر الشيخ المنجد من سوء الخاتمة مشيراً لقوله صلى الله عليه وسلم: «فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار»؛ ولذلك كان السلف يخشون سوء الخاتمة، فقد بكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح فقيل له: أكل هذا خوفاً من الذنوب؟! فقال: الذنوب أهون، إنما أبكي خوفاً من الخاتمة، كما أن التعلق بالشهوات واستيلاءها على القلب من أكبر أسباب سوء الخاتمة. وما من أحد إلا وفي خاطره هم يجوس به يملك عليه مشاعره: فهذا همه الأصغر والأكبر الدينار والدرهم، وذلك همه الشهوات ومتعة النفس، لكن الآخر همه هناك في الدار الآخرة وإن فكر في الدنيا ففي حال الأمة وفي تقصيره وذنوبه وحين يحل بالإنسان الموت يتذكر ويبدو له ما كان يستولي على همه. خروج المحبة ويضيف فضيلته عنصراً مهماً من عناصر الخطورة وراء الانسياق وراء الشهوة ألا وهو أن قلب العبد وعاء لا يخلو من محبوب يرجى ويخاف فواته، والضدان لا يجتمعان فإن امتلأ قلبك بحب الشهوات، فهل يظن أنه سيبقى فيه مكان لمحبة الله ومحبة ما يحبه سبحانه؟ إنه خيار واحد فحدد مصيرك واختر طريقك، وإذا أردت محبة الله ولذة الإيمان فلن تحصل لك حتى تطهر قلبك من محبة ما يسخطه وإن تعلقت بغير الله، فأنى لك لذة الإيمان وحلاوة الطاعة؟! ويؤكد الشيخ المنجد إلى أن الذين تستغرقهم الشهوة المحرمة يتحولون إلى عبيد لها تأمرهم فيطيعون، وتنهاهم فيخضعون، يقول ابن القيم رحمه الله- واصفاً حال أمثال هؤلاء: فلو خُيِّر بين رضاه ورضا الله، لاختار رضا معشوقه على رضا ربه، ولقاء معشوقه أحب إليه من لقاء ربه وتمنِّيه لقربه أعظم من تمنيه لقرب ربه، يُسخط ربه بمرضاة معشوقه، ويقدم مصالح معشوقه وحوائجه على طاعة ربه، يجود لمعشوقه بكل نفيسة ونفيس ويجعل لربه من ماله - إن جعل له- كل رذيلة وخسيس، فلمعشوقه لبه وقلبه وهمه ووقته وخالص ماله وربه على الفضيلة قد اتخذه وراءه ظهرياً، وصار لذكره نسيا إن قام في الصلاة فلسانه يناجيه وقلبه يناجي معشوقه، ووجه بدنه إلى القبلة ووجه قلبه إلى المعشوق، ينفر من طاعة ربه حتى كأنه واقف في الصلاة على الجمر من ثقلها عليه، وتكلفه لفعلها، فإذا جاءت خدمة المعشوق أقبل عليها بقلبه وبدنه فرحاً بها، خفيفة على قلبه لا يستثقلها ولا يستطيلها. ويتابع فضيلته فيقول: وانظر في أشعار العاشقين والعاشقات لترى الأدلة على ذلك وأقرأ ما يكتبه هؤلاء من أبيات وعبارات وانظر أحوال كثير منهم وكيف جلب عليهم هذا العشق الشقاء والنكد، فهل يستحق هذا الهوى والغرام أن تختصر الحياة كلها فيه؟! الأمراض والأوجاع ويواصل الشيخ المنجد حديثه فيقول: إن من سنة الله تعالى معاقبة من عصاه في الدنيا قبل الآخرة ولمن يأتون الفواحش عقوبة من نوع خاص، فعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (... لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا). مشيراً فضيلته إلى أن هذه السنة مما تحقق في العالم فأهل الفجور والفواحش مهددون بالزهري والسيلان، والهربس والإيدز، وأضاف: وإليك شيئا من الإحصائيات المتعلقة بطاعون العصر (الإيدز) : يبلغ عدد الذين ينقل إليهم المرض يومياً على مستوى العالم عشرة الاف شخص، وفي كل دقيقة يصاب ستة أشخاص دون الخامسة بعدوى الإيدز، وفي عام 2000م لقي ما يقارب من ثلاثة ملايين شخص من حاملي المرض مصرعهم، وقد تسبب الإيدز في إضافة 2 ،13 مليون إلى قائمة الأيتام، ويقدر عدد المصابين به في عام 2000م ب 4 ،34 مليون، وآخر الإحصاءات تقدرهم الان بخمسين مليوناً ثلثهم من الشباب من بين (15 - 24) سنة. وآخر الإحصاءات تقدرهم الآن بخمسين مليوناً ثلثهم من الشباب من بين (15 - 24) سنة بقي أن تعلم أن 73% من المصابين بهذا المرض هم من الذين يعملون عمل قوم لوط. الجزاء من جنس العمل وأخيراً يذكر الشيخ المنجد الجزاء من جنس العمل في قائمة المخاطر فيبين أنها قاعدة شرعية وسنة لا تتخلف: أن يجزي الله العامل من جنس عمله، أتظن يا أخي أن من يطلق العنان لشهوته دون وازع أو ضابط، أتظنه يسلم من عقوبة الله؟! لا! فجزء يسير من عقوبته أن تنطبق عليه هذه القاعدة اسمع ما يقول الشافعي - رحمه الله-:
واختتم فضيلته حديثه بالتأكد على أن من يتجرأ عن انتهاك عرض الآخرين معرّض أن يرى ذلك في ابنته أو أخته، ومن لا يبالي بمحارم الله قد تخونه زوجته، ومن تتجرأ على ذلك معرضة أن تراه في بناتها ونسلها. (*) إدارة العلاقات العامة والإعلام |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |