الفساد يهدد الكيان الأوروبي الموحد

* فرانكفورت - طارق عبد الغفار - أ.ش.أ:
رغم الخطوات الهائلة التي اتخذت لتوسيع الاتحاد الأوروبي ليصبح كيانا سياسيا واقتصاديا يضم 25 دولة بناتج محلي إجمالي يقدر بنحو 9 تريليونات دولار يهدد الفساد الخطط الاوروبية لتعزيز الوحدة وممارسة دور أكثر فاعلية في إدارة الشؤون العالمية.
ويرى محللون اقتصاديون أوروبيون ان الفجوة الواضحة في معدلات الفساد بين دول أوروبا القديمة والدول المرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي بحلول الربيع المقبل سوف تعرقل الاصلاحات السياسية والمالية والتشريعية داخل الاتحاد.
وقال المحلل الاقتصادي ميكلاس مارشال ان العديد من دول وسط وشرق أوروبا المقرر انضمامها للاتحاد الأوروبي في مايو المقبل كالتشيك وبولندا وسلوفاكيا لم تتخذ اجراءات كافية لخفض معدلات الفساد.
وأوضح ان سلوفينيا واستونيا نجحتا في خفض معدل الفساد حيث احتلت المرتبتين التاسعة والعشرين والثلاثة والثلاثين في قائمة الفساد والتي تصدرها منظمة الشفافية الدولية.
وتشير الاحصائيات الى أن فنلندا احتلت المرتبة الاولى في قائمة الدول الاقل فسادا في العالم تلتها الدنمارك في المرتبة الثالثة والسويد في المرتبة السادسة وهولندا في المرتبة السابعة ولوكسمبورج والمملكة المتحدة في المرتبة الحادية عشرة والنمسا في المرتبة الرابعة عشرة والمانيا في المرتبة السادسة عشرة وبلجيكا في المرتبة السابعة عشرة وايرلندا في المرتبة الثامنة عشرة وفرنسا واسبانيا في المرتبة الثالثة والعشرين والبرتغال في المرتبة الخامسة والعشرين وقبرص في المرتبة السابعة والعشرين وسلوفينيا في المرتبة التاسعة والعشرين واستونيا في المرتبة الثالثة والثلاثين وايطاليا في المرتبة الخامسة والثلاثين.
وقال المحلل الاقتصادي ميكلاس مارشال ان الدول المقرر انضمامه للاتحاد الأوروبي بحلول العام المقبل ينبغي عليها اتخاذ اجراءات فعالة لخفض معدل الفساد وتحقيق معدل أكبر من الشفافية.
وأوضح ان العديد من الشركات الكبرى في شرق ووسط أوروبا تعانى من مشكلات محاسبة ومالية تعزز احتمالات تكرار سيناريو سقوط شركة انرون الامريكية.
أشار الى أنه رغم اقرار عدد من التشريعات لمكافحة الفساد في دول شرق ووسط اوروبا تعاني المؤسسات المالية والاقتصادية في تلك الدول من غياب الاشراف والمراقبة الفعالة على اداء عدد من المؤسسات الكبرى إضافة الى تفشي الرشوة.
وقال ان النظام القضائي في عدد من دول وسط وشرق أوروبا كجمهورية التشيك يعاني من بعض المظاهر السلبية كالرشوة.
وفي سلوفاكيا يأتي القضاء في المرتبة الثانية بعد القطاع الصحي في قائمة أكثر القطاعات عرضة لجرائم الفساد.
وفي السياق نفسه يرى المحلل الاستراتيجي الأوروبي روز برادي ان عددا من الدول الصغيرة بالاتحاد الأوروبي كفنلندا والدنمارك والنمسا باتت تخشى من سيطرة الدول الكبرى على مقدرات الامور بالاتحاد، وتسعى الدول الصغيرة بالاتحاد الأوروبي الى اجتذاب دول شرق ووسط أوروبا المرشحة للانضمام للاتحاد بحلول عام 2004 لتشكيل تكتل للدفاع عن مصالحها بالاتحاد.
وفي سبتمبر الماضي اجتمع ممثلو 17 دولة صغيرة منها دول مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي في نيويورك وبراغ لمناقشة سبل الحفاظ على مصالحهم في مواجهة الدول الكبرى التي تسعى الى اقرار أطر خاصة لعملية اتخاذ القرارات وإدارة شؤون الاتحاد.
وتخشى الدول الصغيرة بالاتحاد الأوروبي من تهميش دورها في عملية صياغة الدستور الأوروبي الموحد ولذلك تسعى الى تشكيل ائتلاف يضمن لها الحفاظ على مصالحها وترى فنلندا ان الدول الصغيرة سواء الاعضاء بالاتحاد الأوروبي أو المرشحين للانضمام العام القادم يجب ان تشارك في صياغة الدستور الأوروبي.
وتطالب الدول الصغيرة بالاتحاد الأوروبي بمنحها ضمانات للتصويت داخل المفوضية الاوروبية على حين ترى الدول الكبرى كالمانيا وفرنسا أن توسيع المفوضية الاوروبية لن يسهم في تدعيم الاتحاد الأوروبي.
وقال المحلل الاستراتيجي روز برادلي ان مخاوف الدول الصغيرة تكمن في اقتناعها بأن الدستور الأوروبي المقترح سوف يمس بحقوقها ويخدم مصالح الدول الكبرى بالاتحاد الأوروبي.
ويعارض عدد من الدول الصغيرة اقتراحا يقتضي بتعيين رئيس المفوضية بواسطة رؤساء الدول الاعضاء بالاتحاد لمدة عامين ونصف بدلا من النظام الحالي الذي تتناوب فيه الدول الاعضاء الرئاسة لمدة ستة أشهر.
وترى مؤسسات سياسية أوروبية ان فشل الدول الاعضاء بالاتحاد الأوروبي في التوصل الى أرضية مشتركة لتلافي الخلافات بشأن الدستور سوف تزيد من الخلافات الاخرى حول الميزانية الاوروبية واتفاقية النمو والاستقرار.