يمر الوقت ويتسارع في خطواته غير آبه بمن يغمره أو يسحقه فالهزيمة سوف تعلن في النهاية فلا يمكن المواجهة، تبقى هناك مقاومة ضئيلة ولكن الغلبة هي العنوان الذي يسري في هذا الكون. عصفت الفكرة في الداخل وراحت تتفاعل تمزق الجسد الذي نزلت بساحته معركة مستعرة لا تخمد إلا عند السبات ولكن ما تلبث تعود إلى الاشتعال عند ذهاب الكرى، وعلامات الهزيمة تزحف بشدة والمحاولة للتصدي في انكسار دائم. كان ذلك التفاعل خامداً مطموراً لا يتجرأ على الظهور لأنه كان مغطى بعنفوان الشباب وقوته لكنه برز بعدما خارت القوى وبدأت تضعف.وهي تجاهد في وأد آثار الكبر والسنين المتراكمة كمن يزيل غباراً عن لوحة أو تحفة فنية وتبقى في مبارزة تلك الأفكار المتواردة كيف يمكن القضاء على نحت الزمن في هذا الجسد؟ إنها تنتصر على التجاعيد في ذلك الجزء لكنها تبرز في جزء آخر من وجهها تحفراً في ذاكرتها أحياناً ليعود بها الحنين إلى أيام الصبا يقترب من الطفولة يمر الوقت وهي في غمرة السعادة ولم تكن تلك الأفكار تطرق عقلها لكن الوقت أجهز عليها فغرقت في تفاعل أنساها من حولها وجعلها تركن إلى الوحدة والانعزال، تسمر نظرها إلى صورتها القديمة المعلقة في غرفتها فيغمر كيانها شعور بالتحدي بأنها مازالت في كامل قوتها وحيويتها ويشيع جو التفاؤل فيمرق نظرها إلى المرآة لتبحث عن النصر على سحق السنين لكن تفاجأ بسعال بسيط جعلها تدرك أنها لن تستطيع المقاومة فقطار العمر يمضي بسرعة وهي غارقة في بحر التأمل. تأتي دقات الساعة لتخرجها من حالتها ويرسو تفكيرها إلى شاطئ التوقف لفترة من الوقت لكنه عاود الإبحار بشكل جارف بعدما ساد الصمت وانطلقت من جديد نحو النزال في محاولة ارضاء النفس التواقة لمباهج الحياة وزينتها والتي ترفض التخلي عن الشراهة في البحث عنها والتي تخرج ذلك الجسد إلى العيش في الأحلام والذي معه ينطفئ شعور اليأس والحسرة على مضي العمر، ولكنها تفاجأ ببروز القناعة بعدما أعي فكره أو أجهد فركنت إلى حقيقة الحياة وأن هذا قدر البشر جميعاً.
|