في أحضان الدنيا.... نتبعثر
تذيقنا من كأسها العلقم..
دنيا..
كتب علينا ان نعيشها كما هي
ان تعصف بأفئدتنا
وهو المرض..
الذي جعلني اجيد قراءة الملامح
وأمقت الترقب..
وأختنق من اروقة المستشفيات
هو المرض..
الذي سلب مني أغلى من في الأرض
الذي سلب مني تاج رأسي وجوهرة جبيني
والدي الغالي..
عند ذاك الغروب...حملوك
وعلى ذاك السرير..وضوعك
وبالاجهزة.. قيدوك..
ولم يكن في ايدينا حينها..
إلا الدعاء..
والصبر والصبر.....ثم الصبر
اسالك بالله....متى تعود؟؟
متى تضيء بيتنا..
متى ترسم وجودك..على محيّانا..
فنحن ننتظرك..
مع طلعة كل فجر جديد
ننتظرك..
حتى وان كبلوا جسدك الطاهر في غياهب المستشفى
حتى وان حبسوا انفاسك خلف الزجاج
حتى وان دفنوا ملامحك... تحت الغطاء
ما زلنا ننتظرك..
وما زال للأمل بقية..
رجوتهم..ان احادثك
ألامس يديك..
أقبل جبينك..
رجوتهم..
أن انتزع شبابي وأتقلد شيبك
رجوتهم..
أن يلبسوني مرضك..
رجوتهم..
أن أمنحك حياتي
رجوتهم..
أن أناديك..
رجوتهم.. ورجوتهم.. ورجوتهم
ولكن..
لا حياة لمن تنادي..
رجوت الله..
أن يشفيك..
رجوته أن يبقيك..
رجوته..
أن تقف أمامي..
رجوته..
أن تحادثني..
رجوته..
رجوت ربي..
أن تعود..
وأعدك.. بألا أخالف لك أمرا..
وأعدك.. بألا أتاخر عن الصلاه يوما
أعدك.... بأن أتفوق في دراستي كما اعتدت
أعدك.... بأن أساعد أمي..
أعدك... بأن أغدو ربة بيت ناجحة..
أعدك.. بأن أترك الغيبة
أعدك ... بأن أمقت النميمة..
أعدك.. بأن أحافظ على صحتي..
أعدك.. بأن أنام مبكراً وأترك السهر..
أعدك... بأن أترك الغناء وسماع المعازف واللهو
أعدك...وأعدك وأعدك.......
أعدك بكل ما تريد.....
أعدك بكل ما تأمر به....
أعدك بكل شيء...
فقط...
أرجوك عد إلي......
أرجوك عد إلينا...
فجريدتك الملقاة في تلك الزاوية... تنتظر أن تقرأها..
تنتظر أن تنقل لنا أخبارها...
ونظارتك على تلك المنضدة... تنتظر أن تتزين بعينيك ودهن العود أمام تلك المرآة.
ينتظر أن يستشف منك رائحته
وثوبك في تلك الخزانة.. غدا اسود كئيبا....ينتظر بياضا من جسدك
وسجادتك المطوية في ذاك الركن.. تنتظر ركوعك.. تنتظر سجودك..
فطالما راق لها ترتيلك.. وهمس دعائك....
وأبناؤك...
لم يبق منهم سوى عيون مترقبة تبحث عنك
في ارجاء البيت..
يسمعون صوتك في آذانهم...
يرون ملامحك خلف وجوههم....
يستشعرون روحك في قلوبهم...
يرونك على وريقات الشجر...
وهمس الندى...
وقت السحر.....
وعند السحر..... انتهى الانتظار...
وبقي الصبر المر...
وتأجج الدعاء...
عند السحر...
صعدت روح والدي الى بارئها
ماتت ألوان بيتنا....
ذبلت زهورنا...
رحلت ملامحنا...
عند السحر...
تبعثرت أجسادنا..
رحل والدي...
رحل بجسده...
وبقي بروحه بيننا...
بقى في قلوبنا...
في أحداقنا....
على ملامحنا....
بقي..
كما كان وما زال والدنا
الذي لا نرتضي سواه ولياً لأمرنا.
ابنتك
مي بنت عبدالعزيز عثمان العقيل
لحن الشروق الحدود الشمالية عرعر | 
