Thursday 1st January,200411417العددالخميس 9 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الطريق إلى التنمية الطريق إلى التنمية
د. مصطفى عبدالواحد

إن التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية لا تتحقق حين يغيب العدل وتنتشر المظالم وتنمو الأحقاد.. وهذا مثل حاضر وقع أمام أعيننا في بلد عربي شقيق هو العراق الذي ابتلي بطاغية متجبر سفاك للدماء هو صدام حسين التكريتي الذي أصبح مصيره عبرة للمعتبرين.. فقد كان بإمكان شعب العراق العربي المسلم في أكثريته أن يبلغ شأوأ بعيداً في مجال التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية.. بما أنعم الله به عليه من موارد متعددة وإمكانيات اقتصادية وبشرية وجغرافية.. لكنه ابتلي بمن قهروه وأذلوه وبدّدوا موارده سفهاً.. وزجّوا بشبابه في حروب حمقاء ظالمة أتت على الأخضر واليابس وكان آخرها حماقة احتلال الكويت العربية المسلمة.. فكانت قاصمة الظهر لهذا الشعب المقهور المسكين. فكيف يستطيع الشعب العراقي أن يصل إلى الحد الأدنى من التنمية بعد أن دمّر حاكمه السابق بحماقته وطغيانه وجبروته موارده وجلب عليه الديون والتعويضات الباهظة وأخره إلى الوراء عشرات السنين؟!
إنهم يتحدثون اليوم عن ديون العراق المستحقة لروسيا وبعض دول أوروبا ويلتمسون تخفيفها أو إسقاط جزء منها.. فأين ذهبت موارد العراق وخيراته الزراعية والصناعية والبترولية الضخمة.. بلد يجري فيه نهران.. وأرضه خصبة.. وتحته بحيرة هائلة من النفط.. كيف يكون مديناً.. وأين أنفقت هذه الديون وقد كانت خزائن العراق ملأى بالأموال على الدوام.. وكان دخل الفرد في العراق قبل هذا الحاكم المجنون أعلى من دخول الأفراد في كثير من الدول العربية.. فانتهى به الحال إلى هذه الذلة والمسكنة.. وهذه المعيشة الضنك التي يقاسيها الشعب الذي لم يقترف ذنباً ولم يقصر في واجب.. وقد انتهى به الحال إلى أن يكون له حاكم أمريكي مسيحي وأن يجثم جنود الاحتلال الأمريكي على صدره.. يهدمون الدور وينتهكون الحرمات ويفزعون الأطفال والنساء.. وقد نسوا أن «صدام حسين» كان عميلهم والمنفذ لمخططاتهم في يوم من الأيام..
إن التاريخ القديم والحديث يشهد بأن تكريم الإنسان ورعاية حقوقه وإتاحة الفرصة لمواهبه والاستفادة بطاقاته هو الشرط الأساسي لنجاح أي تنمية يراد لها أن تؤتي ثمارها وأن تبلغ مداها.
ولهذا نوّه الكتاب الكريم بخصائص الأمة المسلمة في ذوات أفرادها.. وجعل خَيريّتها متعلقة بهذه المزايا التربوية والنفسية. قال الحق تبارك وتعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }. كما جعل الحق سبحانه فتح كنوز البركات المادية والمعنوية مرهوناً بالإيمان والتقوى، فقال عز من قائل:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) ومن هنا فإن سعي الأمة الإسلامية لتحقيق التنمية الصحية البريئة من جموح المادية وطغيانها.. ينبغي أن يبدأ من البداية التي أرشدنا إليها الإسلام من بناء الفرد المسلم.. وتهيئة البيئة الطبيعية المستقيمة التي تسمح بالتنافس المشروع في سبل الخير وإطلاق الزهور لتتفتح في كل مجال!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved