هَلْ لِلْخَوَاطِرِ إنْ بَدَتْ نَشْرُ
أَمْ أنَّ لِي عِنْدَ النُّهَى عُذْرُ
إِنِّي وإِنْ كُنْتُ المُقِلَّ بِهِ
أَرْجُو بِأَنْ يدْنُوليَ الشِّعرُ
حَتَّى أُسطِّرَ فِيْكَ يَا وَطَنِي
أنشودةً قَدْ ضَمَّهَا الصَّدرُ
حَسْبِيَ بِأنِّي عِشْتُ فِي بَلِدٍ
يَهْفُو إلِيْهِ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
وَطَنِي لَهُ التَّارِيْخُ مَلْحَمَةٌ
تُرْوَى وَشَاهِدُهَا هُوَ الدَّهرُ
فِي مَهْبِطِ الوَحِيِ الَّذِي سَطَعَتْ
شُمْسُ الهِدَايَةِ مِنْهُ وَالْبَدْرُ
أَرْضُ الرِّسَالَةِ طَابَ سَاكِنُهَا
وَعَلا لَهَا التَّمْكِينُ وَالْقَدْرُ
أَرْضٌ بِهَا الحِرْمَانِ يَحْرُسُهَا
رَبُّ البَرِيَّةِ فِعْلُهُ أَمْرُ
وَطَنِي وَأَنْتَ الْمَجَدُ يَعْرِفُهُ
كُلُّ الأَنَامِ وَلَو نَبَا النَّزْرُ
وَطَنُ الأُبَاةِ الشُّوسِ دَيْدَنُهُمْ
أَلْجُودُ والإِخْلاَصُ وَالشُّكْرُ
الصَّاعِدُونَ الْهَامَ مَا وَهَنُوا
فِي النَّائِبَاتِ طِبَاعُهُمْ صَبْرُ
تِلْكَ الجَزِيرَةُ تَاهَ سَاكِنُهَا
فَخْراً وَطَابَ لَهُمْ بِهَا فَخْرُ
وَرُبُوعُ أَرْضِي نِعمَةٌ تَتْرَى
فَالتُّربِ فِي صَحْرائِهَا تِبْرُ
وَبِهَا قِلاَعُ الخَيرِ يَقْطُنُهَا
أَهْلُ النَّدَى يَغْشَاهُمُ البِشْرُ
أُمُّ القُرَى وَالنُّورُ يَغْمُرُهَا
وَالمُسْلِمُونَ يَحُفُّهُمْ نَصْرُ
وَالْكَعْبَةُ الغَرَّاءُ قِبْلَتُهَا
وَالْمِلَّةُ السَّمْحَا لَهَا جِسْرُ
وَبَدَتْ رِيَاضُ الخَيْرِ سَامِقَةً
كُلٌّ بِهَا يَسْعَى وَيَسْتَرُّ
وَسَمَا حِجَازُ النُّورِ يَا وَطَنِي
وَافْتَرَّ فِي أَفْيَائِهِ ثَغْرُ
وَالسَّاحِلُ الشَّرْقِيُّ مَا فَتِئَتْ
خَيْرَاتُهُ وَعَطَاؤُهُ بَحْرُ
يَا قَاصِدِينَ لِطِيبَةٍ عَمُرَتْ
أَيَّامُكُمْ، وَلَيَالِكُمْ ذِكْرُ
أَرْضٌ حبَاهَا اللَّهُ مَحْمَدَةً
أَخْبَارُهَا عِنْدَ الْوَرَى نَشْرُ
مَرْحَى عَسِيْرُ وَأهْلُهَا فِبِهَا
طَابَ المصِيْفُ وَأقْبَلُ اليُسْرُ
هَذِي بِلاَدِي خَابَ حَاسِدُهَا
دوماً لَهَا التَّمْجِيْدُ وَالصَّدْرُ
تَخْطُو حَثِيثاً لا يُعَرْقِلُها
كَيْد ُالمنَافِقِ طبعُهُ الغَدْرُ
عَمَّ السَّحَابُ ثَرَاكَ يَا بَلَدِي
فَالرَّابِيَاتُ ثِيَابُهَا خُضْرُ
وَغَشَاكَ أَمْنٌ لا نَظِيرَ لَهُ
وَهُنَاكَ عَيْشٌ مَا بِهِ كَدَرُ