عندما يقوم الموظف العادي بعمله على أكمل وجه نقول عنه: مجتهد ومخلص، وعندما يقوم الموظف ذو المسؤوليات والصلاحيات بعمله بالشكل الذي يرتقي للبروز نقول عنه: كان السبب في إنجاز أهداف إدارته. ولكن ما نلاحظه في جميع شركات القطاع العام والخاص أن هناك فرقاً شاسعاً بين الاثنين ليس في المركز الوظيفي، بل في النظرة إلى ما حققه كلٌّ حسب موهبته وقدراته التي تمكنه من الوصول إلى مبتغاه وتهيئة الجو الملائم له في كسب النظرة الشمولية نحو طريقته في تحقيق الهدف.
الموظف العادي الخالي من المسؤوليات والصلاحيات أي الموظف المنفذ للتعليمات بحذافيرها دون تردد هو من يبرز عمله و يتم النظر في تكريمه والعمل على إرضائه واستمراره وجعل وقته ثميناً بالنسبة لما يقضيه في تنفيذ ما تم توجيهه به من تعليمات وأوامر محددة، فنجد أنه في كل المناسبات على رأس قائمة التكريم المادي والمعنوي، ليس من أجل ما قام به واجتهد في تنفيذ المهام الموكلة إليه لأن هذا لا يساوي شيئاً أمام ما قام به الموظف ذو المسؤوليات الكبيرة، بل لأن رصيد التكريم المعنوي والمادي للموظف العادي ليس بالأمر العسير أو المكلف كون المركز الوظيفي والراتب الشهري هما المتحكمان في نسبة ما سيقبضه من تكريم مادي ومعنوي، وبالتالي فتكريمه عبارة عن واجهة تجميلية وديكور جميل لما تقوم به إدارة الشركة أو المؤسسة تجاه موظفيها وكأنها بذلك توجه رسالة غاية في البلاغة والوضوح والترتيب في أنها راعية لهموم الموظف المخلص وأنها تكافئ المجتهد بشكل علني وصريح.
أما الموظف ذو المسؤوليات والصلاحيات فهو يعمل على حسب ما يمليه عليه ضميره المهني والعملي ويحاول القفز بكل ما أوتي من قوة على ظهر الصعاب في محاولة منه لترويضها بعيداً عن التوجيه أحياناً ولكنه يحقق الهدف دائماً ويصل لما يريد حسب ما هو مطلوب منه منذ البداية.
هنا تأتي الإشكالية والصعوبة في تكريم مثل هذا الموظف، فهو قد حقق الهدف فعلاً.. لا شك في ذلك ولكنه حققه بعيداً عن تدخلات وتوجيهات مستمرة يومية من مسؤوليه وبالتالي صار هناك شعور مبطن بالتمرد من جانبه ومحاولة التفرد بتحقيق الهدف دون الاعتماد بالكلية على رؤسائه مما يجعل الأمر صعباً عليهم، هنا يتدخل وبقوة سلاح فعال دائماً مع مثل هؤلاء الموظفين وهو سلاح «التهميش الوظيفي» الذي يقوم وبشكل نظامي وقانوني في إيجاد أرضية أخرى للعمل ومكان آخر أو موقع آخر في إبعاد مثل هذه النوعية من الموظفين الذين لا يسمعون الكلام، فيتم تهميشه بحيث لا يعرض عليه أكثر المهام المسؤول عنها أساساً أو يتم سحب بعض من صلاحياته أو يتم تشكيل فريق عمل آخر يقوم بمهام عمله بعيداً عنه ومرتبطة برؤسائه، أو يتم نقله لموقع آخر يرتاح فيه ومن ثم يُريح.
هنا يأتي موقف هذا الموظف وقدراته في مواجهة هذا السلاح الفعال، فمنهم من يتقبل الأمر وكأن شيئاً لم يكن رغبة منه في عدم خسارة الوظيفة. ومنهم من يقوم بالاعتراض على ذلك فيخسر الوظيفة والمنصب وبالتالي يجد نفسه في زمرة الباحثين عن العمل أمام أبواب الشركات والمؤسسات، ومنهم من يوازي بين الاثنين فيقوم بالارتداد والمواجهة فيعمل على تحقيق أهدافه بعمله بعيداً عن التصادمات والتمرد على رؤسائه «حسب وجهة نظرهم» فيكسب بهذا حبه للعمل وبالتالي الاستمرار في الوظيفة وإعطاء صورة جديدة عنه في أنه يستطيع الاستمرار.. فلقد فهم الدرس جيداً.
053430629/ص.ب: 8146/الرياض: 11482 |