تجد اسرائيل نفسها مطلقة اليدين وهي تنعم بمزايا الوجود العسكري الأمريكي الكبير في العراق، الذي يوفر لها ارتياحاً نفسياً ويجعلها تشعر بأنها آمنة وبمنأى عن أي عمليات عسكرية كبيرة، بل ويشجعها على تنفيذ سياساتها العدائية والمجاهرة بمخططاتها مثل إعلانها أمس اعتزامها زيادة المستوطنين في الجولان.
وتحرص إسرائيل على مواكبة التوجهات الأمريكية فيما يتصل بدول المنطقة، فمع الضغوط الحالية من قِبل واشنطن على دمشق بما في ذلك التلويح بقانون معاقبة سوريا، فإن إسرائيل وجدت أنه من المناسب أن تكون حاضرة في الصورة للإفادة من تلك الضغوط بإعلان المزيد من الضغوط على دمشق من خلال الاعلان عن زيادة المستوطنات.
وسبق لإسرائيل قبل عدة أشهر شن غارة على سوريا في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تقوم بحملة ضغوط أخرى على دمشق طالبتها خلالها بإغلاق مقار المنظمات الفلسطينية على أراضيها.
هذا التزامن بين الإجراءات الإسرائيلية والضغوط الأمريكية يعبِّر عن تلازم عضوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وعلى اصرار الجانبين على تحقيق أقصى المكاسب لإسرائيل، على الأقل خلال فترة الوجود الأمريكي العسكري المكثف في العراق.
ويجري التركيز على هذه الظروف من أجل وضع ملامح المخطط المرغوب أمريكياً وإسرائيلياً للمنطقة في بحر السنوات القادمة.
هذا التوجه المتزامن والمتضامن ينعكس سلبياً على أي تحرك نحو السلام وخصوصاً إذا افترضنا أن هذا السلام يمضي برعاية أمريكية، لأن الولايات المتحدة هنا تجردت تماماً من دور الوسيط لتقف في الجانب الآخر مع إسرائيل.
وهكذا فإنه يصعب التحدث عن السلام على المدى القصير مع سوريا، لأن كافة السياسات الأمريكية تجاه دمشق مبنية على أجندة سِمَتها الأساسية الضغوط على سوريا.
وحتى إذا افترضنا أن هناك فرصة للسلام فإن تلك الضغوط ستكون عنصراً أساسياً فيه حيث يتم استغلالها لصالح الطرف الإسرائيلي للتوصل إلى سلام بمواصفات إسرائيلية تحت الرعاية الأمريكية.
|