* الرياض - «الجزيرة»:
أثارت فضيحة إفلاس شركة المواد الغذائية الإيطالية العملاقة بارمالات عاصفة من الاتهامات والشكوك حول مدققي حسابات الشركة مجموعة جراند ثورنتون.
وذكر تقرير لوكالة رويترز للأنباء من نيويورك أنه نتيجة الانهيار المفاجئ لحسابات شركة بارمالات ستواجه مجموعة جراند ثورنتون ما عرفته نظيراتها بسبب اشتراك في فضيحة كبيرة.. وأن دعوى قضائيه ضدها، ستدمر سمعتها وذلك في إشارة إلى تورط شركة آرثر أندرسون في انهيار شركة الطاقة الأمريكية العملاقة أنرون.
واستناداً إلى تقرير رويتر فإن فضيحة بارمالات تفجرت في الاسبوع الماضي، عندما أعلنت عن رفض مصرف أمريكا لوثائق تثبت ا حتفاظ شركة بونلات لصناعة الأغذية ومقرها جزيرة كايمان برصيد يبلغ95 ،3 مليارات يورو بسبب تزوير في الوثائق.
وقال التقرير إن جراند ثورنتون ا.س.بي.أ قام بالتوقيع على دفاتر حسابات بونلات.
وأضاف: هذا الحدث المثير جعل العديد يتساءلون عن كيفية وجود اسم شركة محاسبة كبيرة مثل جراند ثورنتون بشكل واضح على وثيقة مزورة وقال السيد ميلفين ويس المؤسس المشارك للشركة القانونية ميلبيرغ ويس بيرشاد هاينز وليراتس ل.ل.ب.و لوكالة رويترزان مجرد الاعتماد على خطاب تأكيد حساب مشكوك فيه صادر من جزيرة كايمان بمبلغ خمسة مليارات دولار قد سبب مشكلة كبيرة.
فضيحة أنرون الأوروبية
وشبّه التقرير ما حدث ل «بارمالات» بانهيار انرون حيث تم تسمية الانهيار الجديد بفضيحة (أنرون الأوروبية) ومن المرجح أن يتم اتهام جراند ثورنتون بعدم الكفاءة أو اقتراف خطأ شائن وذلك كما أوضح جوناثان هامليتون المحرر في النشرة الصناعية واسعة الانتشار تقرير المحاسبة العام وقال إن ذلك لن يمنع المحامين من مقاضاة شركة جراند ثورنتون ولن يحمي الشركة من التأثر بنتائج السمعة السيئة والتفحص الدقيق من المحققين بمن فيهم مجلس مراقبة المحاسبة الأمريكي والذي سيقوم بتحقيقات واسعة عن شركات التدقيق المحاسبي في العام المقبل.
ويذكر بأن شركة آرثر أندرسون التي كانت تحتل المركز الخامس بين أضخم الشركات المحاسبية قد أوقفت أعمالها المحاسبية لا بل تم حلها بسبب ما لحق بسمعة الشركة وأدائها المهني بعد إدانتها بفضيحة انهيار شركة أنرون للطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جهة أخرى نقلت صحيفة «الغارديان» عن مدعٍ عام في ميلانو قوله يوم 22 ديسمبر بأن هناك دليلاً واضحاً على تزييف الحسابات في بارملات .. وفي حالة توازي فضيحة شركة أنرون في الولايات المتحدة، أخبر المدعي العام أنجيلو كيرو وكالة رويترز بأن الموقف واضح جداً وحالات تزييف الحسابات واضحة.
وقد تحفظت النيابة العامة على الوثائق التي حصلت عليها من جراند ثورنتون مدققي بارمالات بعد الإعلان عن تزييف وثيقة تظهر مبلغ 9 ،3 مليارات يورو في سجلات بونلات.
وقد وقعت جرانت ثورنتون في عام 2002م على حسابات بونلات على أساس كتاب، يخص في الظاهر بنك أمريكا، يبين أن بونلات تمتلك حساب هذا المبلغ في البنك، غير أن بنك أمريكا نفى مصداقية الوثيقة، وقد فاقم هذا المبلغ المفقود من التهم التي وجهتها وكالة ستاندرد أندبور إلى بارمالات في أنها ضللت المستثمرين.
من جهتها نقلت هيرالد تريبيون انترناشونال في عددها يوم 24 ديسمبر عن مطلعين على التحقيق قولهم إن بارمالات غير قادرة على توثيق حوالي تسعة مليارات يورو أي ما يقارب أحد عشر مليار دولار من الأموال الموجودة في حساباتها.
وقد وصف وزير المالية الايطالي خلال خطاب وزاري ألقاه في بارمالات بأنها «أنرون الأوروبية».
فضيحة محاسبية
أما صوفيا لهيلياس، وهي محامية تقدم المشورة للشركات والمديرين حول الرقابة على الشركات بأن ما وقع في بارمالات ليس مجرد خطأ محاسبي ثانوي بل هو فضيحة محاسبية رئيسية.
وقال المراسل الاقتصادي لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية جيمس أرنولد إن ما تخشاه الأسواق الأوروبية هو التشابه الذي يظهر بين بارمالات وشركة أنرون الأمريكية التي أدت الشبكة الدولية لمعاملاتها المالية إلى انهيارها. وبحسب ما ذكرته «بزنس تايمز آجيا» عن أحد المحققين الإيطاليين بأن بارمالات متورطه في مخطط مدروس يضم عشرات الشركات الوهمية الخارجية بهدف اختلاق موجودات تكفي لتغطية ما يقارب أحد عشر مليار دولار في المطلوبات خلال مدة تزيد عن عقد.
الفضيحة الكبرى من نوعها في أوروبا
وقالت بزنس تايمز: تعد هذه الفضيحة المحاسبية الكبرى من نوعها في أوروبا خلال السنوات الأخيرة وتطرح تساؤلات حول قدرة المشرعين الأوروبيين على الإشراف على شركاتهم العالمية التي تستخدم أنظمة مالية متطورة.
في حين ذكرت بي.بي.سي أن من المحتمل أن تكون لهذه الأخبار تبعات خطيرة جداً على مدققي الشركة جرانت ثورنتون.
ووفقاً لما ذكرته «يواس أيه توداي» فإن رجال الشركة في ميلانو قد داهموا مكاتب جرانت ثورنتون لضبط الوثائق والإطلاع عليها.
بذور الانهيار
وتقول تقارير ايطالية ان ما يعادل اثني عشر مليار دولار قد تكون مفقودة من حسابات بارمالات بعد 15 عاما من المحاسبة الخاطئة حيث يظهر التحقيق الأولي أن بذور انهيار هذه الشركة زرعت في أواخر الثمانينيات وفي ذلك الوقت بدأت الشركة في إنشاء شركات مالية في جزر الأنتيل بهدف أساسي هو تحميلها المطلوبات التي كانت تغطيها على الورق، عن طريق اختلاق موجودات.
وكانت عمليات تدقيق مجموعة بارمالات بما فيها المالية الخارجية تتم حينها من قبل شركة جراند ثورنتون المحاسبية، وفي أواسط التسعينات أجرت إيطاليا مراجعة جذرية لنظامها المالي، قررت خلالها أن تغير الشركات الإيطالية مدققيها الخارجيين الذين تتعامل معهم كل تسع سنوات، وهكذا استبدلت بارمالات جرانت ثورنتون عام 1999 بشركة ديلويت توتش التي اعتمدت في الكثير من أعمالها على المدقق السابق.
والجدير بالذكر أن بارمالات التي تبلغ مبيعاتها السنوية ما يقارب 5 ،7 مليارات يورو تنتج وتبيع الحليب واللبن والعصائر والمنتجات الغذائية الأخرى في أوروبا وأمريكا ومختلف أرجاء العالم وهي جزء أساسي من الاقتصاد الإيطالي وتوظف نحو 36 ألف شخص.
|