إن الضيف يبقى في ضيافة مضيفه ثلاثة ايام ويبقى في حماه بعد مغادرته المنزل ثلاثة ايام أيضاً.
واذا دخل الضيف السارح - المسافر - بلداً أو ديرة يضيفه أول بيت يمر به فاذا تجاوزه إلى ما يليه يعد ذلك اهانة فيطالب الجار به - مر الغريب بنا قبل ان يمر بكم - واذا لم يطالب بهذا الحق ينظر اليه بعين الاحتقار.
هذا وتقضي عوائد الضيافة المتعارف عليها بين البدو ان يمتنع الضيف عن الانتقال من منزل مضيفه الى منزل آخر ولو دعي إلى ذلك فتبديل البيت لا يجوز في عرف البدو وفاعله يصبح مسبة بين الناس.
كما انه لا يجوز للضيف ان يقبل دعوة احد من الناس الى طعام اذا كان المضيف لم يدع إليها ومنه المثل السائر بين البدو «الضيف اسير المعزّب» المضيف ومن المتعارف عليه بينهم ايضاً أن الحفاوة بالضيف لا تكون الا حين القدوم اما عند رحيله فانهم لا يظهرون أي سرور او حفاوة لأن اظهار الحفاوة عند الرحيل يعني في نظرهم ان المضيف قد مل مقام ضيفه عنده وأنه ابتهج لرحيله وتخلصه منه ومن نفقة حلوله واقامته.
ان صاحب البيت مسؤول عن راحة ضيفه وعن قراه ومنامه وردع اعدائه عنه وهو مكلف بصيانة حقوقه وفي ذلك يقول البدو: «سلامة الضيف من حظ المعزّب». وكثيرون منهم قد يسهرون الليالي الطوال خوفاً على ضيوفهم وحرصاً على سلامة هؤلاء الضيوف.
ومن عوائد البدو ان المضيف لا يجوز له أن يسأل ضيفه عن اسمه وعشيرته او عن السبب في مجيئه قبل ان يقدم له القرى ولكن البعض منهم اعتاد توجيه مثل هذا السؤال بغية التمكن من اكرام الضيف بدرجة تناسب منزلته ومكانته بين البدو. والبادية تعير منزلة الشخص ووضعه اهتماماً بالغاً بما يناسب تلك المنزلة من الاحترام والحفاوة ويلاحظ ذلك في احضار الطعام وتقديمه فالآكلون في الوجبة الاولى هم الذين يدعوهم صاحب الدار بأسمائهم وكذلك الثانية والثالثة كل حسب منزلته حتى اذا فرغ الضيوف من الاكل دعا الباقين. ولا يفتخر البدوي بشيء افتخاره بكرمه وكرم اهله فهذا شاعر الجوف ضاقت به طرق المعيشة في بلده فذهب يلتمس هناك وفي اول ليلة قدمها قدم له قراه واجتمع على هذا القرى اهل الحي يتزاحمون بالمناكب على ذلك القرى القليل فطواها الشاعر في نفسه وظل ليله يسامر النجوم ويشكو الم الغربة وقسوة الزمن وفي الهزيع الاخير من الليل تناول ربابة كانت معلقة قريباً منه في كسر البيت وطفق يجر عليها: