يفيد كثيراً أن تتواصل جلسات الحوار، فكل شأن وطني يتطلب أن يتفاكر الناس حوله وصولاً إلى الأفضل والأجدى للأخذ به، ولن يتأتى ذلك إلا باتساع دائرة الحوار لتشمل جميع المعنيين.
القضايا الملحة في الساحة الوطنية ذات طبيعة عاجلة، فهناك هذا الغلو الذي يتخذ شكلاً عنيفاً تنعكس آثاره على مختلف وجوه الحياة من جهة تهديده المباشر للأمن والاستقرار والمخاوف من تصاعده.
ولأن الأمر يرتبط بمجموعة من شبابنا الذين تعرضوا للتحوير في طريقة تفكيرهم ونظرهم للأمور، في تناقض تام مع الوسطية التي بحث عليها ديننا، فإن تناول هذا الأمر يستوجب النظر في كل ما يمكن أن يفرز مثل هذه الأعمال من خلال النظر لما يتعرض له شبابنا والمؤثرات التي يمكن أن تدفع بهم إلى اعتماد العنف كأسلوب بما فيه من عمليات انتحارية تعصف بالأرواح وتدمر الممتلكات وتبذر بذور الشك والريبة في النفوس وتسهم في تقويض الأمن والاستقرار.
إن القضايا التي يتصدى لها هذا الحوار الذي انطلق قبل أيام هي من النوع المصيري الذي يتطلب المواجهة المباشرة على كافة الساحات بما في ذلك الأمنية والفكرية والاعلامية، ولكلٍّ من هذه الجوانب طريقتها الخاصة في المعالجة، فهناك التناول الآني المباشر الذي يتصل بالإجراءات الأمنية، وهناك هذه المراجعة والمحاورة الفكرية لاستقصاء الأسباب ومعالجة الظاهرة وفقاً لأسلوب يستهدف المعالجات بعيدة المدى وعميقة الأثر.
مثل هذه القضايا تتطلب مشاركة واسعة، ولأن الشباب هم عنصر أساسي فيما يحدث وأنهم هم الذين يتعرضون للتضليل في أفكارهم وهم الذين ينفذون هذه الفظائع، وهم أمل الأمة والعناصر الأساسية في عمليات البناء والنماء، فإن الاستماع إلى ما يعتمل في رؤوسهم وصدورهم يُثري مثل هذا الحوار ويُسهم كثيراً في الوصول إلى النتائج المرتجاة، من خلال استيعاب طموحات وهموم هؤلاء الشباب.
إن وجود مركز لهذا الحوار يعكس العزم على استمراره، وفي ذلك دعوة للجميع للإسهام فيما يفيد الوطن وفقاً لمنطق الحوار واعتماداً على المعالجات الفكرية الهادئة التي تستعين بالعلم وقبل ذلك بالمرجعية الإسلامية النيِّرة لهذا المجتمع بما يكفل حلولاً تنسجم وطبيعة المجتمع وتحقق طموحاته في الأمن والاستقرار واستمرار عمليات البناء والنماء.
|