خلال فترة عمل تبلورت ملامح أسلوبي في الإدارة، هذا الأسلوب الذي نستطيع في غياب تعبير أفضل، أن نسميه الأسلوب الهجومي. أبادر فأقول إني لا أقصد بهذا الوصف ان الأسلوب الآخر الشائع بين الإداريين والذي يمكن ان نسمّيه الدفاعي.
ما الفرق بين الأسلوبين؟
الإداري الهجومي لا ينتظر القرارات بل يستبقها، والإداري الدفاعي يحاول ان يبتعد عن اتخاذها. الهجومي لا ينتظر حتى تضخم المشاكل، أما الدفاعي فلا يتعامل مع أي مشكلة إلا بعد ان تتخذ حجماً يستحيل معه تجاهلها، الهجومي لا يدير المؤسسة من مكتبه ويحرص على أن يكون في الموقع أكبر وقت ممكن، أما الدفاعي فلا يغادر مكتبه إلا في المحن والأزمات. الهجومي يعتبر نفسه مسؤولاً عن تطوير الجهاز وإصلاحه، أما الدفاعي فلا يرى لنفسه مهمة تتجاوز الإدارة اليومية. الهجومي لا يخشى ان يكون موضع جدل، أما الدفاعي فيتجنب كل ما يثير الجدل. الهجومي ينفق كل الاعتمادات ويطالب بالمزيد، أما الدفاعي فيستوي عنده الإنفاق والتوفير. الهجومي لا يسمح للمعارضة أن تثنيه عن موقفه، أما الدفاعي فيتراجع عند اصطدامه بأول جدار. لعل الفارق الكبير «إن الهجومي لا يهمه ان يخسر وظيفته أما الدفاعي فكل شيء يهون لديه في سبيل البقاء في موقعه. لا أريد أن يفهم أحد أن الأسلوب الهجومي هو بالضرورة أفضل من الأسلوب الدفاعي. هناك مؤسسات لا يمكن ان تدار بأسلوب هجومي كوزارات المالية والخارجية والتخطيط وأجهزة المراقبة ومؤسسات ينعشها الأسلوب الهجومي كوزارات الخدمات بصفة عامة».
المرجع:
غازي عبدالرحمن القصيبي حياة في الإدارة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1998 ص 97..
|